جريدة الخبر



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

جريدة الخبر

جريدة الخبر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
جريدة الخبر

منتدى محبي جريدة الخبر الجزائرية


    سلسلة دروس :: قضايا في اللسانيات الحديثة ::

    avatar
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 199
    تاريخ التسجيل : 04/11/2009

    سلسلة دروس :: قضايا في اللسانيات الحديثة :: Empty سلسلة دروس :: قضايا في اللسانيات الحديثة ::

    مُساهمة  Admin الجمعة ديسمبر 04, 2009 4:28 am

    °•.♥️.•° بسـم لله الرحمــن الرحيــمـ،،..!! °•.♥️.•°



    ☼ السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته ☼


    بمشيئة الله تعالى ستكون هاته الزاوية منبرا لنطلق دروسا و قضايا تخصّ اللسانيات الحديثة

    و هذا سيكون أو درس أو بالأحرى أوّل قضية سنتناولها

    على أن نتطرّق لقضايا أخرى في الأيّام اللاحقة بحول الله

    الدرس الأوّل ::

    مبدأ التعميم
    في نظرية النحو التوليدي التحويلي



    يفهم من صفة التعميم في منهج المدرسة التوليدية أنّها لا تقصر الوصف والتفسير اللسانيين على لغة خاصّة، بل تجعل النظرية الواصفة المفسّرة معمّمَة على الظّاهرة اللغويّة البشريّة، في كافّة اللغات
    وتدعى النظرية اللسانية الواصفة والمفسرة، للغة البشرية قاطبةً، بنظرية النحو الكلّيّ (Universal Grammar)
    والقول بقواعد النحو الكلي هو قول بظاهرة التعميم أي تعميم مجموعة من المبادئ العامّة على سائر الأنحاء الخاصة، وهو قول بأن اللغات الخاصة التي توصف بتلك الأنحاء الخاصة، تحكمها قواعد عامة كلّيّة، هي قواعد النحو الكليّ، ولا بدّ من ظاهرة التّعميم (Generalization) في جسم النظرية حتى يصحّ نعتُها بأنها نظرية لسانسة عامّة أو كلّيّة تقوم على وجود ثوابت عميقة تحكم الظواهر اللغوية – أصواتها، وتراكيبها ، ومعجمها ، وصرفها ، ودلالاتها – وقواعد لغوية ترتد إليها الأجزاء والآحاد ،و لا بدّ لكي تتحقق صفة التعميم والكلّيّة في النظريّة من اطراح عوامل الاختلاف والتنوع في اللغات، التي هي عناصر محلية لا انتساب لها إلى المبادئ والقواعد الكلية ، وإنما هي محكومة بقواعد أخرى تؤول المختلفات وتفسرها بمتغيرات القاعدة الكلية الواحدة وتنوع أوجهها، وتسمى هذه المتغيّرات التي تفسر الخصوصيات بالوسائط أو الباراميترات (Parameters)
    قواعد النحو الكلّيّ قواعد كلية مستقرة في مخزون المتكلمين قاطبة ،الذين لا يفزعون إلى هذه القواعد إلا لانتقاء ما يناسب لغاتهم ، ويوسّطون في الانتقاء وسائط لتثبيت القيم المناسبة ، تنتهي بالمستعمل اللغوي إلى تنزيل مبادئ النحو الكلي ومقاييسه على لغته الخاصة، فيتم الانتقال من الكليات إلى الجزئيات والأنواع




    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    انظر:
    - من قضايا الأشباه والنّظائر بين اللغويات العربية والدّرس اللساني المعاصر، د. عبد الرحمن بودرع، نشر: حوليات الآداب والعلوم الاجتماعية، جامعة الكويت، الرسالة:227، الحوليّة:25، مارس2005
    - نظرية النحو الكلي والتراكيب اللغوية العربية دراسات تطبيقية، د. حسام البهنساوي، مكتبة الثقافة الدّينية، 1998
    - Formal Parameters of Generative Grammar, I: Yearbook 1985 by Ger de Haan, Wim Zonneveld, Author(s) of Review: Thomas F. Shannon
    ********, Vol. 62, No. 4 (Dec., 1986)


    الدرس الثاني ::

    نظرية القوالب في المدرسة التوليدية التحويلية

    القولبة أو القالبية نظرية يُفهَم منها معنى التعدد؛ ينصرف مفهوم القالبيّة أو القولبة إلى إفادة معنى التّعدّد في جسم النظريّة اللغوية، وقد جاءت المدرسة التوليدية التحويليّة بتصور جديد هو تصور التعدّد أو القولبة، فخالفت بهذا التّصوّر مبادئَ اللسانيات السابقة كالمدرسة البنيوية التي كانت تقوم على فكرة الثنائيات وليس التعدّد؛ كالثنائية بين الدّالّ والمدلول، والسمعي والذّهني، والمتكلّم والمستمع...
    جاءت المدرسة التوليدية بمفهوم جديد هو التعدّد أو القولبة أو القالبية، و هذا اصطلاح غير مألوف في الأدبيات اللسانية:
    القولبة (Modularity) مفهوم يتعلق بتعدد القوالب في جسم النظرية اللغوية، أي إن النظرية اللغوية التي تُعنى بوصف البنيات اللغوية وتفسيرها تقوم على تعدد الأنسقة أو تعدّد الأنظمة التي تنضوي تحت النظرية العامة. وهذا أمر جديد في التصوّر اللّساني . ويذهبُ النحو التوليدي إلى أن النظرية اللسانية العامة تخصص مجموعة من الأنحاء الممكنة لوصف اللغة، وهذه الأنحاء عبارة عن عدد من الأنساق الفرعية التي تتفاعل فيما بينها، فأما المكونات الفرعية للنحو فهي:
    1- المعجم (lexicon)
    2- التّركيب (Syntax)
    3- المكوّن الصّواتي (Phonological Component)
    4- المكوّن الدّلالي/المنطقي (Logical form)

    وأما الأنساق الفرعية أو القوالب (Moduls) فهي:

    1- نظرية العامل (Government theory)
    2- نظرية الحالات الإعرابية (theory Case)
    3- نظريّة العُقَد الفاصلة (theory bounding)
    4- نظرية الربط الإحالي (theory binding)
    5- نظرية المراقبة (theory Control)
    فوصف ظاهرة لغوية ما يقتضي اللجوء إلى أنساق مختلفة من القواعد تضبطها مبادئ مختلفة وبسيطة، ولكنّ الواصف يحتاج إليها مجتمعةً. وقد دُعِيَ هذا الاتّجاه في تصوّر العلاقة بين مكوّنات النّظريّة اللغوية والطّريقة التي تعمل بها، بالقولبَة (Modularity)
    وأريد أن أضيف–إلى مفهوم التعدّد التّعدّد في الملَكَة اللغوية، أي علاقة المَلَكة اللغوية ببقية الملكات الذهنية المتعدّدة، فالذهن مكون من مجموعة قوالب متفاعلة أثناء الإنجاز اللغوي ومن بينها:
    - قالب النحو، وهو الجهاز الذي يصدر الجمل ويولّدها
    - قالب التصورات والمفاهيم والاعتقادات التي يحملها الإنسان عن العالم
    - القالب التداول الذي يضع الخطاب اللغوي في سياق المتكلم والمخاطب .


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    انظر في هذا المعنى:
    N.CHOMSKY, Lectures On government and Binding, Dordrecht

    اللسانيات واللغة العربية، نماذج تركيبية ودلالية، د.عبد القادر الفاسي الفهري، دار توبقال للنشر، البيضاء، ط.1، 1985، الجزء 1










    نلتقي في حديث حول قضية أخرى بحول الله و مرحبا بإضافاتكم و منقاشاتكم في نفس القضية إن أحببتم ذلك


    أتمنّى لكم الإستفادة


    عدل سابقا من قبل Admin في الجمعة ديسمبر 04, 2009 8:22 pm عدل 1 مرات
    avatar
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 199
    تاريخ التسجيل : 04/11/2009

    سلسلة دروس :: قضايا في اللسانيات الحديثة :: Empty الدرس الثالث

    مُساهمة  Admin الجمعة ديسمبر 04, 2009 4:31 am

    الدرس الثالث::


    قضايا اللسانيات التّداوليّة (Pragmatic Linguistics)[/b]


    [b]اشتغلت التداوليات بمجموعة من الإشكالات والقضايا التي تعدّ من صميم موضوعها، مثل: ماذا نفعل عندما نتكلم؟ ماذا نقول عندما نتكلم؟ من يتكلم؟ ومَن يُكلّم المتكلّمُ؟ ولماذا يتكلم على هذا النّحو؟ كيف يمكن أن يُخالِفَ كلامُنا مقاصِدَنا؟ ما هي أوجه الاستخدام الممكنة للغة؟...
    أجابت التداوليات عن هذه الأسئلة بطريقة تتناسبُ والطابعَ المتجدد لهذا الحقل اللساني باعتباره حقلا يعيد النظر في المبادىء التي تتأسس عليها الأبحاث اللسانية السابقة، وهي:
    - أولوية الاستعمال الوصفي والتمثيلي للغة.
    - أولوية النسق والبنية على الاستعمال.
    - أولوية القدرة على الإنجاز.
    - أولوية اللسان على الكلام
    Armengaud, Françoise, La pragmatique, Que-sais-je?,
    PUF, 1985, p:7

    من هذا المنطلق، يمكن القول إن التداوليات حقل لساني يهتم بالبعد الاستعمالي أو الإنجازي للكلام ويأخذ بعين الاعتبار المتكلم والسياق.

    أما المعنى التّداولي أو المعنى البراغماتي :
    فهو المعنى الذي يتعلّق بوظيفة الكلام، وهي الرّبط بين بنية اللسان الطّبيعيّ ووظيفتِه الأساس، هذه الوظيفة الأساس هي التّواصل داخل مجموعة لغويّة محدّدة، واللسانيات التداولية تدرس علاقات البنية اللغوية بالمتكلم والمُخاطَب. أي المعاني التي تدور في فَلَكِ الحوار ودائرة المُحادَثات أو التّواصُل الكلاميّ بين أطرافِ الكلام.
    إنّ اللسانيات التّداولية تركّزعلى البعد العملي للمعنى أي معنى المحاورة بين أطراف الكلام.
    وتعمل التداوليات بحكم كونها لسانيات ذات اهتمامات عمليّة براغماتيّة، على وصف فعل المحادثة وتفسيرها؛ مستخدمةً في ذلك مجموعة من المبادئ والمفاهيم الوصفية، كمبدإ التعاون ومبدإ الاحترام ، وغيرها من المبادئ التي تضبط سير المحادثات بين المتكلِّمين


    إلى الملتقى بحول الله
    avatar
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 199
    تاريخ التسجيل : 04/11/2009

    سلسلة دروس :: قضايا في اللسانيات الحديثة :: Empty رد: سلسلة دروس :: قضايا في اللسانيات الحديثة ::

    مُساهمة  Admin الجمعة ديسمبر 04, 2009 4:34 am

    الدرس الرابع ::

    السِّياسَةُ الُّلغَوِيَّةُ والتَّخْطيطُ الُّلغَوِيّ

    السياسَةُ اللغويةُ هي التدابيرُ التي يَّتخذُها بَلدٌ منَ البُلدانِ إزاءَ لغتِه، وتخضعُ السياسةُ الّلغويةُ لبلدٍ ما للتَّخطيط أو الخُططِ المَرسومةِ مِنْ قِبَلِ فَعالياتٍ مُتعدّدةٍ من أبناءِ هذا البَلدِ ومنَ الناطقين بهذِه اللغة المخطَّط لَها .
    والمَقصودُ بِالتّخطيطِ الّلغويّ كَما قلتُ : القَراراتُ والّتدابيرُ التي يَتّخذُها البَلدُ لرسمِ سياسةٍ لغويةٍ بعيدةِ المَدى تُفرَض على المجتمع لحمايةِ الّلغة القوميةِ منَ التّحدياتِ المُحدقةِ بها مِثل المُنافسةِ اللغويةِ الأجنبيةِ وطغيانِ اللهجاتِ المَحليةِ ومُواجهةِ التّعددِ اللّغويّ الذي يُهدّد بتفرق الوطن إلى أجزاء أو قوميات صغيرة قد تنذر في المستقبل البعيد بكوارث اجتماعية وسياسية كالمطالبة بالاستقلال الذاتي وما إلى ذلك
    وأضرب مثالا على ذلك بالمغرب فهو أوضح من المشرق في المعاناة من خطر التعدد: يعاني المغاربة من تعدد ذي مستويين : مستوى الازدواجية بين عربية ولهجات محلية ، ومستوى الثنائية بين عربية وأجنبيات، والمغرب لم يستطع إلى الآن أن يرسم سياسة لغوية واضحة لمواجهة هذا التعدد المهدِّد لوحدة البلاد، بدعوى أنّه تعدّد تنوّع وليس تعدّد تناقض، والمغرب كما هو معروف يترك الحبل على الغارب فيما يتعلق بصراع العربية مع الأجنبية، فطغيان الأجنبية وضعٌ مريحٌ لسياسة الدولة التي احتضنت الانفتاح على الغرب والارتماء في أحضانه مطلقا
    على الرغم من أنّ خبراء لسانيين مغاربة دقوا جرس الإنذار وانتقدوا سياسة الدّولة المهلهلة والمتساهلة إزاء اللغة العربية، بالرغم من أنّ دستور البلاد ينص على أنّ العربية لغة الدولة الرسميةُ
    هذا إذا ما قارنّا أوضاعنا بالوضع في الأرض المحتلّة وأقصد بها أنّ الصهاينة وضعوا سياسة لغوية واضحة لحماية اللغة العبرية : فالعبرية لغة جعَلَها أصحابُها لغةَ الحديث اليومي ولغة الثقافة والفكر،


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

    انظر للتوسّع في الموضوع: د. عبد القادر الفاسي الفهري: عربية النمو والمعجم الذهني، في كتابه: المقارنة والتخطيط في البحث اللساني العربي، دار توبقال للنشر، 1998


    إلى الملتقى بحول الله
    avatar
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 199
    تاريخ التسجيل : 04/11/2009

    سلسلة دروس :: قضايا في اللسانيات الحديثة :: Empty الدرس الخامس

    مُساهمة  Admin الجمعة ديسمبر 04, 2009 4:43 am

    الدرس الخامس::
    نصٌّ في التَّعْريفِ باللسانيات التّداوليّة:


    إن أقرب حقل معرفي إلى "التداولية" La pragmatique في منظورنا هو "اللسانيات". وإذا كان الأمر كذلك فإنه من المشروع البحث في صلة هذا العلم التواصلي الجديد باللسانيات وبغير اللسانيات من الحقول المعرفية الأخرى التي يشترك معها في بعض الأسس المعرفية ،نظرية كانت أم إجرائية، وذلك قبل وضع تعريف للتداولية أو تحديد مفهومها. . ومن ثم نرى أنه من الواجب التساؤل عن المعيار الذي يكون أساسا في تحديد مفهوم "التداولية". فعلى أي معيار نحدد هذا المفهوم؟ هل نحدد بناءً على معيار البنية اللغوية وحدها ؟ إن هذا الصنيع يجعلها مساوية للسانيات البنيوية فلا يكون هناك أي فرق بينهما ،وليس هذا ما تقوله البحوث التداولية ! هل نحدده على معيار الاستعمال اللغوية وحده ؟ إن تحديده على هذا الضابط فيه إقرار بأن لا صلة تذكر بينه وبين البنية اللغوية ،وهو ما يُخالف أيضا النتائج التي انتهت إليها آخر الأبحاث التداولية .هل نحدده بناء على تعالق البنية اللغوية بمجال استعمالها ؟ إن هذا الصنيع يبدو مبررا ولكنه – إذا ذكر من دون تفصيل – قد يُغفل بعض الصِّلات الرابطة بين العلوم المتشابكة والمتكاملة مفاهيميا، خاصة مجالات: الفلسفة والتداوليات اللغوية وعلم النفس المعرفي وعلوم الاتصال . فالتداولية ليست علما لغويا محضا، بالمعنى التقليدي ،علما يكتفي بوصف وتفسير البنى اللغوية ويتوقف عند حدودها وأشكالها الظاهرة ،ولكنها علم جديد للتواصل يدرس الظواهر اللغوية في مجال الاستعمال؛ ويدمج، من ثمَّ، مشاريع معرفية متعددة في دراسة ظاهرة "التواصل اللغوي وتفسيره". وعليه، فإن الحديث عن "التداولية" وعن "شبكتها المفاهيمية" يقتضي الإشارة إلى العلاقات القائمة بينها وبين الحقول المختلفة لأنها تشي بانتمائها إلى حقول مفاهيمية تضم مستويات متداخلة، كالبنية اللغوية ،وقواعد التخاطب، والاستدلالات التداولية، والعمليات الذهنية المتحكمة في الإنتاج والفهم اللغويين، وعلاقة البنية اللغوية بظروف الاستعمال ...إلخ . فنحن نرى أن التداولية تمثل حلقة وصل هامة بين حقول معرفية عديدة، منها : الفلسفة التحليلية، ممثلة في فلسفة اللغة العادية، ومنها علم النفس المعرفي ممثلا في "نظرية الملاءمة" Théorie de pertinence على الخصوص ، ومنها علوم التواصل ، ومنها اللسانيات بطبيعة الحال . وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر بين الدارسين حول "التداولية" وتساؤلاتهم عن القيمة العلمية للبحوث التداولية وتشكيكهم في جدواها ... فإن معظمهم يقر بأن قضية التداولية هي "إيجاد" القوانين الكلية للاستعمال اللغوي، والتعرف على القدرات الإنسانية للتواصل اللغوي ، وتصير "التداولية" ، من ثم جديرة بأن تسمى: "علم الاستعمال اللغوي" .

    في مصادر الدرس التداولي المعاصر
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ

    ليس للدرس التداولي المعاصر مصدر واحد انبثق منه، ولكن تنوعت مصادر استمداده إذ لكل مفهوم من مفاهيمه الكبرى حقل معرفي انبثق منه .ف«الأفعال الكلامية» ،مثلا، مفهوم تداولي منبثق من مناخ فلسفي عام هو تيار "الفلسفة التحليلية" بما احتوته من مناهج وتيارات وقضايا ،وكذلك مفهوم« نظرية المحادثة» الذي انبثق من فلسفة بول غرايس Grice ،وأما «نظرية الملاءمة» فقد ولدت من رحم علم النفس المعرفي، وهكذا ...

    مهام التداولية :
    ــــــــــــــــــــــ

    تتلخص مهام التداولية في :
    - دراسة "استعمال اللغة" التي لا تدرس "البنية اللغوية" ذاتها، ولكن تدرس اللغة عند استعمالها في الطبقات المقامية المختلفة ،أي باعتبارها "كلاما محددا" صادرا من "متكلم محدد" وموجَّها إلى "مخاطب محدد" ب"لفظ محدد" في "مقام تواصلي محدد" لتحقيق "غرض تواصلي محدد" .
    - شرح كيفية جريان العمليات الاستدلالية في معالجة الملفوظات .
    - بيان أسباب أفضلية التواصل غير المباشر وغير الحرفي على التواصل الحرفي المباشر .
    - شرح أسباب فشل المعالجة اللسانية البنيوية الصرف في معاجلة الملفوظات .
    وعليه فإن بعض الدارسين يعولون على التداولية في تحقيق مجموعة من الرهانات تعبر عنها الأسئلة التالية :
    - كيف نصف الاستدلالات في عملية التواصل ،علما بأن الاستدلالات التداولية غير مُعقلنة ، وربما كانت غير مُقنِعة في كثير من الأحيان؟
    - ما هو نموذج التواصل الأمثل؟ (أهو الترميز أم الاستدلال؟)
    - ما هي العلاقة بين الأنشطة الإنسانية الآتية : اللغة والتواصل والإدراك؟ وما هي العلاقة بين الفروع المعرفية المشتغلة بهذه الأنشطة ( أي علم اللغة وعلم التواص وعلم النفس المعرفي)؟

    تصورات خاطئة عن التداولية :
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    بالنظر إلى ما شاع من تصورات خاطئة عن هذا المنهج الجديد، فإننا نوضح أن التداولية ليست أي شيء مما يلي :
    1- إنها ليست سلة ًلمهملات اللسانيات ،بحيث تعتبر كل ظاهرة عجزت اللسانيات عن حلها مجالا للبحث التداولي، وهذا يقتضي أن الظواهر التي تدرسها التداولية ليست مهملة ولا متروكة بالضرورة . ومن ثمَّ فهي تقوم بإزالة الغموض عن عناصر التواصل اللغوي، وشرح طرق الاستدلال ومعالجة الملفوظات . وهذه القضايا ليست من اهتمامات اللسانيات الصريحة، بل هي تشبه أن تكون مرحلة وسيطة بين المعارف اللغوية والمعارف الموسوعية . والتداولية تُستمد من رافدين :الرافد المعرفي كما تقدمه بعض المباحث في علم النفس المعرفي: الاستدلالات، الاعتقادات، والنوايا. والرافد التواصلي: أغراض المتكلمين واهتماماتهم، ورغباتهم .
    2 – وليست مكوِّنا من مكونات اللسانيات البنيوية ،لأن التداولية ليست هي المرحلة الأخيرة للتحليل اللساني .
    3 – وليست نظرية ًللخطاب بصورة تعتبر التداولية نظرية لتحليل الخطاب ،كما أن اللسانيات نظرية للجملة ،فتقابلها أو تكملها. ذلك أن لسانيات الخطاب تقتضي بنية خِطابية وقواعد خِطابية، ومن ثمَّ تكون الجملة منتجا مركبا من القواعد التركيبية واللفظية التي تنشئها، بما يعني نوعا من الانصهار والذوبان .
    فما هي أبرز الأنشطة التداولية إذن ؟والجواب: أن نجملها فيما يلي :
    - "دراسة استعمال اللغة" عوضا عن "دراسة اللغة ". فاللسانيات ،كما هو معلوم، تتفرغ للدراسة الثانية أي لدراسة المستويات الصوتية والتركيبية وربما الدلالية، فقد تحولت مع البنيويين إلى علم تجريدي مغلق ذي إجراءات داخلية خالصة، يؤمن بكيانية البنية اللغوية في مستواها الصوري المجرد، في حين أن دراسة استعمال اللغة لا تنحصر ضمن الكينونة اللغوية بمعناها البنيوي الضيق ،وإنما تتجاوزها إلى أحوال الاستعمال في الطبقات المقامية المختلفة حسب أغراض المتكلمين وأحوال المخاطبين .
    - دراسة الآليات المعرفية (المركزية) التي هي أصل معالجة الملفوظات وفهمها، فالتداولية تقيم روابط بين اللغة والإدراك عن طريق بعض المباحث في علم النفس المعرفي .
    - دراسة الوجوه الاستدلالية للتواصل الشفوي، فتقيم، من ثمَّ، روابط وشيجة بين علمَيْ اللغة والتواصل .

    بين اللسانيات البنيوية والتداولية :
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ

    توصف اللسانيات البنيوية بوصف "الشكلانية والصورية" أي البعد عن "الأحداث الكلامية الحقيقية في الواقع المجسد" مما جعل جهازها الواصف مفتقرا إلى التعيين والإحالة، لافتقادها للقواعد الإحالية التفسيرية ،فالملفوظ كالآتي :«لقَدْ زادُوْا فِي قِيمَة الضَّرَائِب» ملفوظ لا تقدم اللسانيات البنيوية فيه أي قاعدة تفسر الضمير الذي أسند إليه الفعل "زاد" وتعين المرجعَ الذي يحال عليه في الواقع الخارجي عن اللغة، إذا ما استثنينا بعض التوجيهات اللسانية الوظيفية التي ظهرت في السنوات الأخيرة ك "نظرية النحو الوظيفي" ليسمون دي كSimon Dick مثلا ، ولكن نظريته ليست نظرية بنيوية، بل إن تأثرها بالتداولية أشد.
    أما في التداولية فتوجد آلية (أو عدة آليات) لتفسير هذا الضمير وتعيين المرجع في الواقع الخارجي؛ وهذا ما يعزو للتداولية بعض المميزات عن اللسانيات البنيوية: كالاتصال المباشر، ومباشرة العالم الخارجي. ومن القواعد العامة التي يمدنا بها العالم الخارجي أن ليس لأحد الحق في زيادة الضرائب إلا السلطات المخولة بذلك . وتتأسس الاستدلالات التداولية على أعراف اجتماعية ،ولذلك قد تكون نسبية، فمثلا في الملفوظين الآتيين:
    - "هل تريدُ فنجَانا مِن القهْوَةِ ؟"
    - "إنها تحول بينِي وبين النوم "
    كيف عرف السائل أن محاوره يرفض القهوة؟ وكيف عرف المجيب أن القهوة تحول بينه وبين النوم؟ وكيف تم الاتفاق والتواطؤ بينهما من جهة وبين أفراد المجتمع من جهة أخرى على ذلك ؟إنهما يعالجان تلك الملفوظات باستدلالات و معلومات مستقاة من معارف مستمدة من الواقع الخارجي، وبتواضع من أفراد المجموعات اللغوية المتواطئة على ذلك .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ

    انظر النّصّ في كتاب «التداولية عند العلماء العرب، دراسة تداولية لظاهرة "الأفعال الكلامية" في التراث اللساني العربي» للدكتور مسعود صحراوي، دار الطليعة للطباعة والنشر ، بيروت، الطبعة الأولى 2005 . ص: 15-30


    إلى الملتقى بحول الله

    الدروس القادمة ستتناول قضايا اللسانيات التداولية
    avatar
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 199
    تاريخ التسجيل : 04/11/2009

    سلسلة دروس :: قضايا في اللسانيات الحديثة :: Empty الدرس السادس

    مُساهمة  Admin الجمعة ديسمبر 04, 2009 4:58 am

    الدرس السادس::
    من قضايا اللسانيات التداولية


    1- الكلّيات اللغويّة

    تدعى النظرية اللسانية الواصفة والمفسرة، للغة البشرية قاطبةً، بنظرية النحو الكلّيّ (Universal Grammar)
    والقول بقواعد النحو الكلي هو قول بظاهرة التعميم أي تعميم مجموعة من المبادئ العامّة على سائر الأنحاء الخاصة، وهو قول بأن اللغات الخاصة التي توصف بتلك الأنحاء الخاصة، تحكمها قواعد عامة كلّيّة، هي قواعد النحو الكليّ، ولا بدّ من ظاهرة التّعميم (Generalisation) في جسم النظرية حتى يصحّ نعتُها بأنها نظرية لسانية عامّة أو كلّيّة تقوم على وجود ثوابت عميقة تحكم الظواهر اللغوية – أصواتها، وتراكيبها ، ومعجمها ، وصرفها ، ودلالاتها – وقواعد لغوية ترتد إليها الأجزاء والآحاد ،و لا بدّ لكي تتحقق صفة التعميم والكلّيّة في النظريّة من اطراح عوامل الاختلاف والتنوع في اللغات، التي هي عناصر محلية لا انتساب لها إلى المبادئ والقواعد الكلية، وإنما هي محكومة بقواعد أخرى تؤول المختلفات وتفسرها بمتغيرات القاعدة الكلية الواحدة وتنوع أوجهها، وتسمى هذه المتغيّرات التي تفسر الخصوصيات بالوسائط أو الباراميترات (Parametres)
    قواعد النحو الكلّيّ قواعد كلية مستقرة في مخزون المتكلمين قاطبة ،الذين لا يفزعون إلى هذه القواعد إلا لانتقاء ما يناسب لغاتهم ، ويوسّطون في الانتقاء وسائط لتثبيت القيم المناسبة ، تنتهي بالمستعمل اللغوي إلى تنزيل مبادئ النحو الكلي ومقاييسه على لغته الخاصة، فيتم الانتقال من الكليات إلى الجزئيات والأنواع
    أمّا وسائط الاختلافِ بين اللّغاتِ في تطبيق الكلّيّاتِ فتُفيدُ أنّ شومسكي في بنائه لنماذِجه "المبادئ والوسائط" و"الكلّيّات..." يحاولُ توسيعَ هامش المرونة الصّوريّة فيها، وتطويرَ قدرتِه على الارتقاء في مراتبِ الكفايةِ والمُناسبَة بِما يجعلُه صالحا لأن يُعتَمَدَ مرجعاً في تفسيرِ الفروق بين اللّغاتِ...

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    انظر:
    - نظرية النحو الكلي والتراكيب اللغوية العربية دراسات تطبيقية، د. حسام البهنساوي، مكتبة الثقافة الدّينية، 1998
    - من قضايا الأشباه والنّظائر بين اللغويات العربية والدّرس اللساني المعاصر، د. عبد الرحمن بودرع، نشر: حوليات الآداب والعلوم الاجتماعية، جامعة الكويت، الرسالة:227، الحوليّة:25، مارس 2005
    - قراءات في اللّسانيات التّوليديّة، من العامليّة والرّبط، إلى البرنامج الأدنى، اللّغة النَّظريّةالتّوليديّة من "بلاغة الإطناب" إلى "بلاغة الإيجاز"، ج:2، د.رشيد بوزيان، نشر: نادكوم، 1999.
    - Formal Parameters of Generative Grammar, I: Yearbook 1985 by Ger de Haan, Wim Zonneveld, Author(s) of Review: Thomas F. Shannon
    ********, Vol. 62, No. 4 (Dec., 1986)




    2- نَموذَج المَبادئ والوسائط

    قام نموذَج المَبادئ والوَسائط (Principles and Parameters) على افتِراض وجود نحوٍ كلّيّ هو عبارةٌ عن مبادئ كلّيّة ثابتةٍ ومستقلَّةٍ عن اللّغاتِ الخاصّة، بل مشتركةٍ بينها، وافتِراضِ وجود وَسائطَ إلى جانبِ النّحو الكلّيّ ترتبِطُ بِما تَرسّبَ عن القواعِدِ الخاصَّةِ المميِّزةِ للغاتِ، ولكنّ إمكاناتِ التّنوّع بين اللّغاتِ مُقيَّدٌ، وكلُّ وسيطٍ يقترِنُ بسماتٍ صرفيّةٍ معيّنةٍ.
    وقد بحثَ في موضوع التَّوسيطِ الباحث اللّسانيّ (Jespersen 1927) الذي ذهَبَ إلى أنّ التّركيبَ يُترجِمُ ما هو مُشتَرَك بين اللّعاتِ بِخلافِ الصّرفِ، وعليهِ يُنتَظَرُ أن يَكونَ هناك نظامٌ حسابيّ واحدٌ (Computational System) ونظامٌ معجميّ واحدٌ مشتَركانِ بين اللّغاتِ، وأن يكونَ التّنوّع والاختِلافُ محصورَيْنِ في بعضِ السِّماتِ الصّرفيّة المُوسَّطَةِ بين قواعدِ النّحوِ الكلّيّ والقواعِدِ الخاصّةِ. وهذا ما يُفسِّرُ الافْتراضَ النّظريّ للنّظريّةِ التَّوليديّةِ بأنّه لا توجدُ إلاّ لغةٌ واحدةٌ أساساً على الرّغم من عناصرِ التّباعدِ والتّنوُّعِ بين اللّغاتِ

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
    انظر:
    - البناء الموازي: نظرية في بناء الكلمة وبناء الجملة، د.عبد القادر الفاسي الفهري، دار توبقال للنّشر، 1990
    - المقارنة والتّخطيط في البحث اللّساني العربي، د.عبد القادر الفاسي الفهري، دار توبقال للنّشر، 1998







    3- البَرْمانَجُ الأدْنى:

    البَرنامَجُ الأدْنى (Minimalist Program) برنامجٌ ذو توجّهٍ تفسيريّ، يرومُ بلوغَ التّفسيرِ عبرَ ما يُسمّى بـ"الأدنويّة" (Minimalization)، وهي نهجٌ نظريّ مفادُه أن يقومَ العلمُ بتغطيةِ أكبرِ عددٍ من الوقائعِ والتّجاربِ عبرَ استنتاجاتٍ منطقيّةٍ مرتبطةٍ بعددٍ قليل من الافتِراضات والمُسلَّمات. وهو مفهوم مرتبطٌ بالبساطةِ (Simplicity) والاختصارِ (Reduction) والاقتصار (Parcimony) .
    وبِناء على مبدإ "الأدنويّة" ينبغي إعادةُ النّظرِ في النّسيجِ النّحويّ حتّى نتمكّنَ من التّبسيط والحذفِ وإعادة الهيكلة، وقد ركّز شومسكي (1995)
    [The Minimalist Program for Linguistic Theory, Cambridge, Massachussets]
    على التّقليص من مستوياتِ التّمثيل النّحويّة وكيفية بناء التّمثيلات أو معالجة المعلومات الصّوتيّة والدّلاليّة والمنطقية، فقد انحصرت مستويات التّمثيل النّحويّة في البرنامج الأدنى في مستويين اثنيْن (هما: التّمثيل الصّوتي أو الصّورة الصّوتية، والتّمثيل المنطقي أو الصّورة المنطقيّة) بدلاً من أربعة مستويات كان يتضمَّنُها نموذج الرّبط العامليّ (وهي المعجم والبنية العميقة والبنية السّطحيّة والصورتان الصوتيّة والمنطقيّة)

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
    - انظر المرجع أعلاه: The Minimalist Program for Linguistic Theory
    المقارنة والتّخطيط... د.عبد القادر الفاسي الفهري، دار توبقال للنشر، 1998 -






    4- ما مَكانُ البنيتيْنِ العميقةِ والسّطحيّةِ من البرنامجِ الأدنى؟

    في سياقِ الحَديثِ عن دَوْرِ البرنامجِ الأدنى في تقليصِ مُستوياتِ التَّمْثيلِ النّحويّةِ، إلى تَمثيلٍ مجرَّدٍ للصّوتِ أو ما يُعرفُ بالصّورةؤ الصّوتيّة، وتمثيلٍ مجرّد للمعنى أو ما يُعرَفُ بالصّورةِ المنطقيّة، وهما مستوَيانِ لا يُمكن الاستغناءُ عنهُما أو تَجاوُزُهُما لأنّهما مستويانِ تمثيليّانِ في الواجهةِ (Interface levels)، ومتّصلانِ بنسقينِ خارجيّينِ بالنّسبةِ إلى النّحو: نسق يتّصلُ بالإدراكِ والنّطق، ونسق يتّصلُ بالتّصوّر والقصدِ.
    أمّا المستويانِ الآخرانِ: البنية العميقةُ والبنيةُ السّطحيّة فهما مستويانِ داخليّان وليسا في الواجهةِ ولا يُزوِّدانِ أيّ نسقٍ خارجيّ، يعني ذلك أنّ المستوياتِ انقسَمَتْ إلى مستوياتٍ خارجيّةٍ رئيسةٍ، ومستويات داخليّة ثانوية، وأنّ الرّئيسةَ برزتْ إلى واجهةِ تمثيلِ الجُمْلة وأمّا الدّاخليّة فظلّتْ خلفَ الأولى. ولا ننسى أنّ المعجم مستوى في التّمثيلِ لأنّه يزوِّدُ المستويين الخارجييْنِ حيثُ يتضمّن مفرداتِ اللّغة، وكلّ مدخلٍ معجميّ يشتمل على ثلاثِ مجموعاتٍ من السِّماتِ: سماتٍ دلاليّة، وأخرى صوتيّة، وأخرى تركيبيّة، وأنّ الدّلاليّة والصوتيّةَ ينبغي أن تكونَ حاضرةً ومؤوَّلَةً في النّسقين الخارجييْنِ (نسق الإدراكِ والنّطق، ونسق التصوُّر والقصدِ، وأمّا السّماتِ التّركيبيّة في المعجمِ فإنّها تتضمّن المعلومات والمَقولات النّحويّة كالفعل والاسم والحرف... وتتضمّن أيضاً معلومات الإحالة والمُطابقة كالشّخص والعدد والجنس... ودورُ كلّ هذه السِّماتِ هو تعيين الوضعِ التّركيبيّ للكلماتِ
    وهكذا فإنّ نموذَجَ النّحوِ في البرنامجِ الأدنى قد أخّر رتبة البنيتيْنِ العميقةِ والسّطحيّةِ إلى درجة الاستغناءِ عنهُما، لما يترتّبُ على افتِراض وجودِهِما من مشاكلَ تجريبيّةٍ، من ذلك أنّ العميقةَ مستوىً توجدُ فيه ممثَّلَةً كلّ المقولاتِ النّحويّة التّركيبيّة، وتُدرجُ فيها كلُّ المعلوماتِ في آنٍ واحدٍ، من دون تدرُّجٍ.
    وفي المُقابِلِ اعتمدَ البرنامجُ الأدنى: التَّحْويلاتِ المُعمَّمَةَ (Generalized Transformations) بدلاً من البنيةِ العميقةِ، مثل عمليّة الضّمّ (Merge) والولوج المعجميّ (Lexical access). أمّا السّطحيّة فيُستغنى عنها وتُعوَّضُ بعمليةالقِراءةِ والتّأويل أو ما دَعاه د.عبد القادر الفاسي بالتّهجيّة

    ــــــــــــــــــــــــــــ
    انظر:
    - تركيب اللغة العربية، مقاربة نظرية جديدة، محمد الرحالي، دار توبقال للنشر: 2003
    - قراءات في اللسانيات التوليدية، من العامليّة والرّبط إلى البرنامج الأدنى، رشيد بوزيان، نشر شركة نادكوم 1999
    - المقارنة والتّخطيط في البحث اللّساني العربي، د.عبد القادر الفاسي الفهري، 1998



    5- لاتناظر التركيب (Antisymmetrical Syntax):

    يُفيد أنّ بنيةَ المركَّب الحدّي [التي تجمع بين المُضاف والمُضاف إليه] موازية لبنية الجملة في كثيرٍ من الخصائص التّركيبية، وتخضع البنيتانِ لقيود واحدةٍ، وتشترِك البنيتانِ مَعاً في أنّ الإعرابَِ يُحدّد رتبةَ المكوِّناتِ
    تركيب الجملة يُناظرُ التّركيب الإضافي، في عدد من الجوانب، كما مرَّ بنا، وفي عدد من القيود مما يسمح بدراستهما في إطار التّوازي
    أزيدُ الأمرَ إيضاحاً:
    هُناك مظاهِرُ من التَّوازي - في البناء - بين بنية الجملةِ وبنية المركَّب الحدّي المتمثِّلَة في تركيبِ الإضافَةِ؛ حيثُ إنّ بنيةَ المركَّبِ الحدّي تخضعُ للقُيودِ نفسِها التي هي موضوعَةٌ على الجملة؛ فالجملةُ والمركّب الحدّي الإضافيّ يخضعانِ للقيودِ نفسِها، كما أنّ للإعرابِ دوراً هامّاً في تحديدِ رتبة مكوِّناتِ الجملةِ، وفي تحديدِ رتبةِ مكوِّناتِ المركَّباتِ الحدِّيّة، على السَّواء...
    فهذه كلُّها مظاهِرُ من التَّوازي بين البنيتنِ، بالرَّغْمِ من أنَّهُما بنيتانِ غيرُ مُتناظِرَتَيْنِ Asymmetrics؛
    لأنّ بنيةَ الجُملةِ غيرُ بنيةِ المركّب الإضافيّ، والمكوِّناتُ غيرُ المكوِّنات

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
    انظر:
    - المقارنة والتّخطيط في البحث اللّساني العربي، د.عبد القادر الفاسي الفهري، دار توبقال للنّشر، 1998
    - تركيب اللغة العربية العربية، مقاربة نظرية جديدة، محمد الرّحّالي، دار توبقال للنشر، 2003




    6- نظريّةُ الصَّرْفِ المُوَزَّع

    يتعلَّقُ الأمر بتحليلٍ لتوزيع السِّماتِ واللّواصق في تصاريف الأفعال
    ورد في اقتراحاتٍ كثيرةٍ، مِنها ما ورَدَ في اقتِراحِ هالي ومرنتز
    M. Halle and A. Marantz: Distributed Morphology and the Pieces of Inflection (1993)
    ومن هذِه الاقتِراحاتِ:
    - أنّ السِّماتِ التّركيبيّةَ والسِّماتِ الصِّواتيَّةَ [انظر تعريف الصِّواتة في المستويات اللّسانية، ضمن موادّ هذا المنتدى] تمثِّلانِ مجموعتيْنِ مستقلّتَيْن (ولا تقترِنانِ إلاّ في مرحلة متأخّرة من مراحلِ الاشتقاق)،
    - وأنّ اللَّواصق وحداتٌ معجميّة تأتلف من جذور معجميّة (Lexemes) أو لواصق أخرى لتكوين كلماتٍ مركّبة
    - وأنّ المفرداتِ Vocabulary تتّجه إلى العُقَد التّركيبية .
    - وأنّ البنيةَ الصّرفيّةَ مكوِّن مستقلٌّ من مكوِّناتِ النَّحو .
    ويقترح هالي ومرنتز نموذجا للتمثيل النّحوي دُعيَ بنموذَج الصّرف الموزَّع، تُؤلَّفُ العمليّاتُ التّركيبيّة بين العُقَد النّهائيّة لتكوينِ الكلماتِ قبل أن يقع دمجُ المفرداتِ في شجرةِ التّمثيلِ، ويفترض نموذَج الصّرف الموزَّع أنّ التّنظيمَ التّراتبيّ أو الهرميّ للكلماتِ أو اللَّواصق يحددّه التَّركيبُ.
    ويقترحُ هالي ومرنتز قاعدة انشطار Fission يتمّ بموجبِها شَطرُ عُقدةٍ تركيبيّة واحدةٍ(تضمّ كتلةً من الضّمائرِ المتّصلة) إلى عُقدتَيْن نهائيّتيْن إحداهُما مستقلّةٌ عن الأخرى، ممّا ينتج عنه إمكان دمج مفردتيْنِ مستقلَّتَينِ بدلاً من مفردةٍ واحدة.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    وللنّظريّة تفاصيل كثيرة يمكن مراجعَتُها في :
    M. Halle and A. Marantz: Distributed Morphology and the Pieces of Inflection (1993
    المقارنة والتَّخطيط في البحث اللساني العربي، د.عبد القادر الفاسي الفهري، دار توبقال للنشر، 1998م



    إلى الملتقى بإذن الله

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء نوفمبر 26, 2024 8:46 pm