احبتي في الله معظمنا في هذا القصر نناقش النصارى في كثير من القضايا الموجودة في كتبهم وعن الوهية المسيح وغيرها من الامور العجيبة والتي لا تنطبق مع الواقع المحسوس امام اعيننا او لا تحمل اي مصداقية للمعلومات السابقة مما أدى الى الخطأ في التفسير وسوء الحكم على الواقع .
ومن خلال هذه المقدمة البسيطة احبتي في الله سنتناول معكم موضوع :
هل العقل هو البصيرة؟
العلاقة بين البصيرة والعقل وكتاب الله.
فتابعونا بهذا الموضوع الفكري الشيق بارك الله بكم
فلنحاورهم بالفكر والعقل والمنطق فسيفرون من امامكم باذن الله
والله المستعان
هل العقل هو البصيرة؟
العلاقة بين البصيرة والعقل وكتاب الله.
أحبتي في الله :
تستخدم لفظة البصيرة للدلالة على الرؤية والإبصار القلبي ، ولأجل معرفة معنى البصيرة والبصائر وعلاقتها بالعقل وكذلك استخدام القرآن لها، ومن أجل توضيح واقعها في الذهن ، لا بد من شرح مقتضب لمعنى العقل والربط الفكري في الدماغ ، ومن ثم ربط ذلك بمعاني البصيرة للخروج بمعنى يفسر واقعها بشكل واضح لا لبس فيه .
* * * العقل والتفكير:
أما العقل والتفكير فإن جوهره هو تفسير الواقع المحسوس بربطه بالمعلومات السابقة المتعلقة به، والربط الفكري هو الأساس في هذا التفسير ولذلك أقتضى شرح واقع هذا الربط الفكري أولا ؛
قد يسألني بعضكم ما معنى الربط الفكري .
* * * ان الربط الفكري: هو تفسير واقع محسوس غامض ليس له معنى في الذهن بتوضيح صورته من خلال عملية تحليل هذا الشيء إلى أجزاء أبسط لها نماذج مشابهة وواضحة يعرفها الدماغ (معلومات سابقة) ثم تركيب هذه الأجزاء بربطها معا ككيان واحد لتشكيل نموذج ومعنى جديد لهذا الواقع
و إن التفسير يعـنـي وجود واقع غامض، مموه، مستتر، مشتبه، يثير التشكيك في النفس، ومشكل، ومحير للذهن، لكن يراد من خلال عملية التفكير إظهار وتوضيح حقيقته ومعناه وما ينتج عن الانتفاع به بمقارنته بما يشبهه من الأمور الواضحة.
فالتفسير هو ربط بين معنى واقع معين فيه إشكال بمعنى آخر متصور في الذهن لا إشكال فيه للخروج بنتيجة محددة هي الحكم على هذا الواقع.
يتبع ....
ومن ذلك نستنتج أن جوهر التفكير هو التفسير والتفسير يقوم على عملية الربط الفكري الذكي في الدماغ ، وواقع هذه العملية كالتالي:
أحبتي في الله إن أهم ما في عملية التفكير أي التفسير أن يتم ربط الواقع بمعلومات سابقة لها علاقة به ربطا صحيحا، فإذا كانت المعلومات السابقة صحيحة وتمت عملية الربط بشكل سليم فإن عملية التفكير لتشكيل المعنى الجديد للواقع توصلنا إلى الاستنارة.
وتكون النتيجة التي نصل إليها هي زوال الغموض والإشكال والالتباس في الواقع المحسوس ووجود فهم وصورة في الذهن تتسم بأنها واضحة وحقيقية له أي حكما صحيحا على الواقع. فعندنا شرطان لإنتاج الاستنارة: صدق المعلومات السابقة، وصحة الربط.
أحد اهم قوانين التفكير:
لكن لا بد من إدراك أن أحد قوانين التفكير في الدماغ هو أن هذا الدماغ لا يحب الجهل والغموض بل يميل دائما إلى الوضوح بربطه بين ما يحس به مع نمط معروف مشابه له في الذاكرة وذلك تهربا من الغموض والجهل.
ولكن قد يكون هذا الأمر خيرا في أحيان وشرا في أحيان أخرى.
فالعقل بطبعه يميل إلى الوضوح في الرؤية الذهنية وإلى النور، وإذا كان الواقع المشاهد غامضا مستترا فإن ذلك يزعج العقل ويحرك غريزة البقاء مما يولد الحيرة والتشكك في النفس أي الخوف، لذلك فإنه يدفع طاقة العقل إلى النشاط للبحث عن أي تفسير ممكن للواقع -سواء أكان قريبا أم بعيدا- وذلك بربطه بأقرب ما يشبهه في الذاكرة من أنماط المعلومات السابقة مما يؤدي إلى الخطأ في التفسير أي الحكم الخاطئ على الواقع.
وإذا وصل الإنسان بعد التفكير إلى حكم خاطئ على الواقع، فإن سلوكه تجاهه سيكون بناء على حكمه عليه أي بناء على فهمه وتصوره لهذا الواقع، والذي يحول دون الوقوع في الأحكام الخاطئة هو السعي إلى الاستنارة في التفكير بتحقيق الشرطين اللازمين لذلك وهما –كما ذكرنا- صدق المعلومات السابقة، وسلامة الربط.
وهذه الاستنارة لها علاقة بما يسمى سلامة البصيرة في القلب لا بد من استيضاحها ومن ثم الانضباط بها وصولا إلى الحق والعدل وتحقيق أسمى الغايات بالسعي لنيل رضوان الله جل وعلا. وهنا لا بد من الانتقال إلى قضية البصيرة شرحا وتعقيبا وربطا بالعقل.
يتبع
البصيرة والبصائر:
وردت ألفاظ البصيرة والبصائر في القرآن في الآيات التالية:
(قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ(104) سورة الأنعام
(وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(203) سورة الأعراف
(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ(108) سورة يوسف
(قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلَاء إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا(102) سورة الإسراء
(وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(43) سورة القصص
(هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ(20) سورة الجاثية
(بَلْ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ(14) سورة القيامة
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ(46) سورة الحج
(فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ(2) سورة الحشر
وقد وردت للبصيرة في الآيات المذكورة أعلاه من سور القرآن وكذلك في اللغة بمعانٍ متعددة منها:
آية، برهان، حجة، بينة، دليل، يقين، حق، معْلَم، نور وضياء، عبرة، طريقة الدين، والبصائر جمع بصيرة.
فالآيات تذكر أن هذا القرآن هو حجج بينة وبراهين نيرة يغني عن غيره من المعجزات فهو بمنزلة البصائر للقلوب به يُبصر الحق ويدرك.
ففي بعض الآيات كما في قوله تعالى: "هذا بصائر للناس" تشبيه بليغ للقرآن بأن أصله كالبصائر وقد حذفت أداة التشبيه ووجه الشبه فهو تشبيه بليغ.
ويرى بعض العلماء أن ذلك من قبيل المجاز المرسل حيث أطلق اسم المسبَّب على السبب، لأن القرآن لما كان سببا لتنوير العقول أطلق عليه لفظ البصيرة .
أي شبه القرآن بأنه أنوار لقلوب الناس من حيث إن القلوب لو كانت خالية عن أنواره وعلومه لكانت عمياء لا تستبصر ولا تميز ولا تعرف حقا من باطل.
وكذلك في قوله تعالى: (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)
فإن القرآن يقرر أن العمى على الحقيقة ليس عمى البصر، وإنما العمى عمى البصيرة، فمن كان أعمى القلب لا يعتبر ولا يتدبر.
يتبع .....
العلاقة بين البصيرة والعقل والقرآن:
البصيرة إذن هي الإبصار القلبي (العقلي) مقابل الإبصار الحقيقي بالعين لأن كليهما بحاجة إلى النور والوضوح، فالضياء هو النور الحقيقي اللازم للعين الباصرة حتى ترى الواقع الحقيقي بوضوح.
والبراهين والأدلة البينة هي النور اللازم لإبصار البصيرة القلبية حتى ترى الحق بوضوح.
ولا بد للقلب (العقل) من بصيرة يبصر بها الأمور ليصل إلى الحق ويميز بهذه البصيرة بين الحق والباطل، ولكن إذا لم تكن البصيرة هادية إلى الحق والرشاد كان الإنسان بها أعمى القلب، فالعمى على الحقيقة ليس هو عمى البصر لكن العمى هو عمى البصيرة لان العقل بهذه البصيرة العمياء لا يتدبر ولا يعتبر ويتصرف بشكل خاطئ لا يرضي الله ولا يوصل إلى الخير . ومن كان هذا شأنه لم تكن له بصيرة.
إذن فواقع البصيرة أنها هي القدرة على الحكم على الواقع بشكل صحيح بواسطة الربط السليم في الذهن من خلال الاستدلال بالحجج والبراهين الظاهرة والواضحة التي تنير وتضيء معالم الطريق والتي توصل إلى الحقائق والعبر الصحيحة وبالتالي تؤدي إلى التصرف والسلوك الناهض وفق شرع رب العالمين.
وبكلمات أخرى فإن البصيرة هي القدرة على التفسير المستنير للواقع.
والقرآن يركز في كثير من آياته أنه كتاب أنزله الله تعالى ليكون سببا في تنوير العقول وضياء القلوب يتبصر به الحقائق فهو بمنزلة البصائر في القلوب. ولو كانت القلوب خالية عن أنوار القرآن وعلومه لكانت عمياء لا تستبصر ولا تعرف حقا من باطل.
إن الله تعالى يصف في كثير من آي القرآن الإيمان بأنه النور والحياة ويصف الكفر بأنه الظلمات والموت، فالإيمان يزيل التيه والغموض والارتباك والغي من نفس المؤمن ويؤدي به إلى الأمن والاستقرار والسعادة كونه في الأساس يحل العقدة الكبرى التي تؤرق الإنسان وتؤدي إلى اضطرابه حلا صحيحا يقنع العقل ويوافق الفطرة فيملأ هذا العقل يقينا قناعة ويملأ القلب طمأنينة.
أما الكفر فهو يعني الستر والكافر هو الذي يستر الحق والخير في نفسه، ويمنع قلبه عن أن ينشرح لنداء الله الصادق له بإتباع طريق الرشاد . فكأنه يحب الظلام بحجب النور عن اختراق حجرات قلبه حتى لا يؤثر فيه فيبقى تائها في دياجير الظلام والجهل وغموض المصير وضلال الطريق، وتبقى نفسه مضطربة لا تستقر على حال.
فشتان ما بين الإيمان والكفر والعلم والجهل، والظلمات والنور، والأحياء والأموات، فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها، فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ.
اللهم اجعلنا من أهل الإيمان والبصيرة والنور والهدى، وأبعدنا بفضلك وهدايتك عن طريق الهاوية طريق الكفر والظلام والموات والضلال .
اللهم آمين
ومن خلال هذه المقدمة البسيطة احبتي في الله سنتناول معكم موضوع :
هل العقل هو البصيرة؟
العلاقة بين البصيرة والعقل وكتاب الله.
فتابعونا بهذا الموضوع الفكري الشيق بارك الله بكم
فلنحاورهم بالفكر والعقل والمنطق فسيفرون من امامكم باذن الله
والله المستعان
هل العقل هو البصيرة؟
العلاقة بين البصيرة والعقل وكتاب الله.
أحبتي في الله :
تستخدم لفظة البصيرة للدلالة على الرؤية والإبصار القلبي ، ولأجل معرفة معنى البصيرة والبصائر وعلاقتها بالعقل وكذلك استخدام القرآن لها، ومن أجل توضيح واقعها في الذهن ، لا بد من شرح مقتضب لمعنى العقل والربط الفكري في الدماغ ، ومن ثم ربط ذلك بمعاني البصيرة للخروج بمعنى يفسر واقعها بشكل واضح لا لبس فيه .
* * * العقل والتفكير:
أما العقل والتفكير فإن جوهره هو تفسير الواقع المحسوس بربطه بالمعلومات السابقة المتعلقة به، والربط الفكري هو الأساس في هذا التفسير ولذلك أقتضى شرح واقع هذا الربط الفكري أولا ؛
قد يسألني بعضكم ما معنى الربط الفكري .
* * * ان الربط الفكري: هو تفسير واقع محسوس غامض ليس له معنى في الذهن بتوضيح صورته من خلال عملية تحليل هذا الشيء إلى أجزاء أبسط لها نماذج مشابهة وواضحة يعرفها الدماغ (معلومات سابقة) ثم تركيب هذه الأجزاء بربطها معا ككيان واحد لتشكيل نموذج ومعنى جديد لهذا الواقع
و إن التفسير يعـنـي وجود واقع غامض، مموه، مستتر، مشتبه، يثير التشكيك في النفس، ومشكل، ومحير للذهن، لكن يراد من خلال عملية التفكير إظهار وتوضيح حقيقته ومعناه وما ينتج عن الانتفاع به بمقارنته بما يشبهه من الأمور الواضحة.
فالتفسير هو ربط بين معنى واقع معين فيه إشكال بمعنى آخر متصور في الذهن لا إشكال فيه للخروج بنتيجة محددة هي الحكم على هذا الواقع.
يتبع ....
ومن ذلك نستنتج أن جوهر التفكير هو التفسير والتفسير يقوم على عملية الربط الفكري الذكي في الدماغ ، وواقع هذه العملية كالتالي:
أحبتي في الله إن أهم ما في عملية التفكير أي التفسير أن يتم ربط الواقع بمعلومات سابقة لها علاقة به ربطا صحيحا، فإذا كانت المعلومات السابقة صحيحة وتمت عملية الربط بشكل سليم فإن عملية التفكير لتشكيل المعنى الجديد للواقع توصلنا إلى الاستنارة.
وتكون النتيجة التي نصل إليها هي زوال الغموض والإشكال والالتباس في الواقع المحسوس ووجود فهم وصورة في الذهن تتسم بأنها واضحة وحقيقية له أي حكما صحيحا على الواقع. فعندنا شرطان لإنتاج الاستنارة: صدق المعلومات السابقة، وصحة الربط.
أحد اهم قوانين التفكير:
لكن لا بد من إدراك أن أحد قوانين التفكير في الدماغ هو أن هذا الدماغ لا يحب الجهل والغموض بل يميل دائما إلى الوضوح بربطه بين ما يحس به مع نمط معروف مشابه له في الذاكرة وذلك تهربا من الغموض والجهل.
ولكن قد يكون هذا الأمر خيرا في أحيان وشرا في أحيان أخرى.
فالعقل بطبعه يميل إلى الوضوح في الرؤية الذهنية وإلى النور، وإذا كان الواقع المشاهد غامضا مستترا فإن ذلك يزعج العقل ويحرك غريزة البقاء مما يولد الحيرة والتشكك في النفس أي الخوف، لذلك فإنه يدفع طاقة العقل إلى النشاط للبحث عن أي تفسير ممكن للواقع -سواء أكان قريبا أم بعيدا- وذلك بربطه بأقرب ما يشبهه في الذاكرة من أنماط المعلومات السابقة مما يؤدي إلى الخطأ في التفسير أي الحكم الخاطئ على الواقع.
وإذا وصل الإنسان بعد التفكير إلى حكم خاطئ على الواقع، فإن سلوكه تجاهه سيكون بناء على حكمه عليه أي بناء على فهمه وتصوره لهذا الواقع، والذي يحول دون الوقوع في الأحكام الخاطئة هو السعي إلى الاستنارة في التفكير بتحقيق الشرطين اللازمين لذلك وهما –كما ذكرنا- صدق المعلومات السابقة، وسلامة الربط.
وهذه الاستنارة لها علاقة بما يسمى سلامة البصيرة في القلب لا بد من استيضاحها ومن ثم الانضباط بها وصولا إلى الحق والعدل وتحقيق أسمى الغايات بالسعي لنيل رضوان الله جل وعلا. وهنا لا بد من الانتقال إلى قضية البصيرة شرحا وتعقيبا وربطا بالعقل.
يتبع
البصيرة والبصائر:
وردت ألفاظ البصيرة والبصائر في القرآن في الآيات التالية:
(قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ(104) سورة الأنعام
(وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(203) سورة الأعراف
(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ(108) سورة يوسف
(قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلَاء إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا(102) سورة الإسراء
(وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(43) سورة القصص
(هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ(20) سورة الجاثية
(بَلْ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ(14) سورة القيامة
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ(46) سورة الحج
(فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ(2) سورة الحشر
وقد وردت للبصيرة في الآيات المذكورة أعلاه من سور القرآن وكذلك في اللغة بمعانٍ متعددة منها:
آية، برهان، حجة، بينة، دليل، يقين، حق، معْلَم، نور وضياء، عبرة، طريقة الدين، والبصائر جمع بصيرة.
فالآيات تذكر أن هذا القرآن هو حجج بينة وبراهين نيرة يغني عن غيره من المعجزات فهو بمنزلة البصائر للقلوب به يُبصر الحق ويدرك.
ففي بعض الآيات كما في قوله تعالى: "هذا بصائر للناس" تشبيه بليغ للقرآن بأن أصله كالبصائر وقد حذفت أداة التشبيه ووجه الشبه فهو تشبيه بليغ.
ويرى بعض العلماء أن ذلك من قبيل المجاز المرسل حيث أطلق اسم المسبَّب على السبب، لأن القرآن لما كان سببا لتنوير العقول أطلق عليه لفظ البصيرة .
أي شبه القرآن بأنه أنوار لقلوب الناس من حيث إن القلوب لو كانت خالية عن أنواره وعلومه لكانت عمياء لا تستبصر ولا تميز ولا تعرف حقا من باطل.
وكذلك في قوله تعالى: (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)
فإن القرآن يقرر أن العمى على الحقيقة ليس عمى البصر، وإنما العمى عمى البصيرة، فمن كان أعمى القلب لا يعتبر ولا يتدبر.
يتبع .....
العلاقة بين البصيرة والعقل والقرآن:
البصيرة إذن هي الإبصار القلبي (العقلي) مقابل الإبصار الحقيقي بالعين لأن كليهما بحاجة إلى النور والوضوح، فالضياء هو النور الحقيقي اللازم للعين الباصرة حتى ترى الواقع الحقيقي بوضوح.
والبراهين والأدلة البينة هي النور اللازم لإبصار البصيرة القلبية حتى ترى الحق بوضوح.
ولا بد للقلب (العقل) من بصيرة يبصر بها الأمور ليصل إلى الحق ويميز بهذه البصيرة بين الحق والباطل، ولكن إذا لم تكن البصيرة هادية إلى الحق والرشاد كان الإنسان بها أعمى القلب، فالعمى على الحقيقة ليس هو عمى البصر لكن العمى هو عمى البصيرة لان العقل بهذه البصيرة العمياء لا يتدبر ولا يعتبر ويتصرف بشكل خاطئ لا يرضي الله ولا يوصل إلى الخير . ومن كان هذا شأنه لم تكن له بصيرة.
إذن فواقع البصيرة أنها هي القدرة على الحكم على الواقع بشكل صحيح بواسطة الربط السليم في الذهن من خلال الاستدلال بالحجج والبراهين الظاهرة والواضحة التي تنير وتضيء معالم الطريق والتي توصل إلى الحقائق والعبر الصحيحة وبالتالي تؤدي إلى التصرف والسلوك الناهض وفق شرع رب العالمين.
وبكلمات أخرى فإن البصيرة هي القدرة على التفسير المستنير للواقع.
والقرآن يركز في كثير من آياته أنه كتاب أنزله الله تعالى ليكون سببا في تنوير العقول وضياء القلوب يتبصر به الحقائق فهو بمنزلة البصائر في القلوب. ولو كانت القلوب خالية عن أنوار القرآن وعلومه لكانت عمياء لا تستبصر ولا تعرف حقا من باطل.
إن الله تعالى يصف في كثير من آي القرآن الإيمان بأنه النور والحياة ويصف الكفر بأنه الظلمات والموت، فالإيمان يزيل التيه والغموض والارتباك والغي من نفس المؤمن ويؤدي به إلى الأمن والاستقرار والسعادة كونه في الأساس يحل العقدة الكبرى التي تؤرق الإنسان وتؤدي إلى اضطرابه حلا صحيحا يقنع العقل ويوافق الفطرة فيملأ هذا العقل يقينا قناعة ويملأ القلب طمأنينة.
أما الكفر فهو يعني الستر والكافر هو الذي يستر الحق والخير في نفسه، ويمنع قلبه عن أن ينشرح لنداء الله الصادق له بإتباع طريق الرشاد . فكأنه يحب الظلام بحجب النور عن اختراق حجرات قلبه حتى لا يؤثر فيه فيبقى تائها في دياجير الظلام والجهل وغموض المصير وضلال الطريق، وتبقى نفسه مضطربة لا تستقر على حال.
فشتان ما بين الإيمان والكفر والعلم والجهل، والظلمات والنور، والأحياء والأموات، فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها، فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ.
اللهم اجعلنا من أهل الإيمان والبصيرة والنور والهدى، وأبعدنا بفضلك وهدايتك عن طريق الهاوية طريق الكفر والظلام والموات والضلال .
اللهم آمين