بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السيرة النبوية الشريفة
تآمر المشركين على النبي صلى الله عليه وآله وسلم
موقف عُتبة إبن ربيعة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم
قريش بدأت تخاف من دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فدعوته الجَهرية بدأت تنتشر وبدأت تُأتي ثِمارها المُصِيبة الكبرى بالنسبة لقريش أن الناس سَيُقبِلُونَ للحج بعد أيام فإذا قدِمُوا إلى الحج سَمِعوا من النبي دعوته وربما تأثروا به ماذا يصنعون وماذا يفعلون نادَواْ رجلا عندهم إسمه ""الْوَلِيدْ إبْنُ الْمُغِيرَةَ"" قالوا ياوليد سمعت ما فعل محمد بِنا ورأيت ماذا فعل بالأخ وأخيه والإبن وأبيه قل فيه قولا تسمعه عنك العرب وتنقله عنك قال قولوا وأسمع منكم أخبروني رأيكم أولاً قالوا ما رأيك نقول بأن ما يفعله كهانة بأنه كاهن قال أعرف الكهانة والكُهَان أعرف زمزمة الكاهن وَسَجَعَهُ والله إنه ليس بكاهن قولوا قولا غيره قالوا نقول مجنون قال والله ليس بجنون أعرف الجنون وخنقه ووسوسته ليس ما يفعله جنونا قالوا نقول شعرا قال أعرف الشعر هَزْجَهُ وَرَزْجَهُ ومقبوظه ومبسوطه والله مايقوله ليس بالشعر قالوا نقول ساحر قال أعرف السُّحَارَة والسحر نفسهم وعقدهم والله إن ما يفعله ليس بالسحر قالوا ما تقول أنت ياوليد ماتقول أنت بقول محمد قال والله سمعت كلامه قالوا هيه وماذا تقول قال والله إن فيه لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أسفله لمُغذِقْ وإن أعلاه لمُثمِر وإنه يعلوا ولا يُعلا عليه وإنه لَيَحْطِمُ مَاتَحْتَهُ قالوا ياوليد ماذا تقول وكان رجلا مُشركا لكنه لما سمع القرءان عجب منه لأنه عربي فَصِيحٌ يعرف لغة العرب ويعرف كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال فيه هذا القول قالوا ياوليد قل فيه قولا غيره يعني أي شيء خلاص ولو كان كذبا ولو لم يكن حقيقة أخذ يفكر ويُقَدِّرْ وينظر وَيَبْصُرْ ويَعْبَثْ ثم إلتفت قالوا ياوليد قل فيه قولا ثم رجع إليهم فقال قال قولوا سحر يعني إكذبوا وقولوا سحر وهو يعلم أنه ليس بالسحر قال قولوا للناس أنه سحر فرَّقَ بين الابن وأبيه والاخ وأخيه والرجل وزوجته والمرء وعشيرته فأنزل الرب عز وجل فيه {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا } يعني الوليد إبن المغيرة { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ
لِآيَاتِنَا عَنِيدًا } والرب عز وجل الآن يصف الوليد إبن المُغِيرة وهو يتكلم ويفكر بما يتهم نبينا صلى الله عليه وآله وسلم {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ. ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ} قال الرب عز وحل في الوليد{ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُلَا تُبْقِي وَلَاتَذَرُ } فإذا بكفار قريش يُصدقون الامر ويأخذون هذه التهمة وينشرونها بين الناس والوفود قدمت إلى الحج والنبي يقدم إلى خيامهم أبو بكر معه يفتح خيمة خيمة يقول أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تُفلحوا من يُأويني أبَلِّغ دعوة ربي فإن قريشا منعتني أبَلِّغُ دعوة ربي وخلفه أبولهب يقول ما عليكم منه إنه إبن أخي إنه مجنون فنشرت قريش في الناس أن هذا الرجل ساحر يفرق بين الاب وإبنه والأخ وأخيه تُهمة إتهموا بها نبينا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم لكن أنَّ لهم أن يغلبوا بٍتُهْمَتِهِمْ هَذِه
بينما كان المشركون جُولوساً عند الكعبة يتكلمون في النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال قائلهم ما رأينا مثل صبرنا على محمد سَبَّ دِينَنَا وشتم آلهتنا وسفه أحلامنا وصبرنا عليه بين هم يتكلمون عليه إذ طلع عليهم عليه الصلاة والسلام واتجه إلى الركن فاستلمه عند الكعبة ركن الكعبة الحجر ثم بدأ بالطواف لا يُبَالِي بأصنامهم ولا يُبالي بهم بأبيه وأمي عليه الصلاة والسلام كان يعتز بدينه وبإسلامه ولا يُبالي بالناس فلما طاف الشوط الاول ومر عليهم غمزوه سبوه وتكلموا عليه ولم يرد عليهم تغير وجهه عليه الصلاة والسلام فلما جاء الشوط الثاني الطواف الثاني فإذا بهم يغمزونه ويتكلمون عليه ولم يرد عليهم فلما جاء الشوط الثالث غمزوه وسبوه فتوجه نحوهم وهم يسبونه ويشتمونه فلما إقترب منهم سكتوا قال تسمعون معشر قريش تسمعون والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح لقد جئتكم بالذبح سيأتي يوم بينا وبينكم قتال في سبيل الله جهاد في سبيل الله يقول الراوي رأيت أشدهم عليه وصاة يعني سبا وشتما كأن على رؤوسهم الطير سكنوا وجمودا خوفا وفزعا حتى قال قائلهم إنصرف أبا القاسم راشدا فاولله ماكنت جهولا فاولله ماكنت جهولا في اليوم الثاني تداعواْ مرة أخرى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فإذا بهم يتكلمون ويحرض بعضهم بعضا على رسول الله فرأوا النبي عند الكعبة يمشي فقام أشقى القوم ومسك بِمَجْمَعِ رِدَائِهِ فلفه على رقبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم خنقه خنق من أشرف الخلق خنق من خليل الله خنق من الرحمة التي أرسلها الله للعالمين خنقه حتى كاد أن يموت عليه الصلاة والسلام من رَأهُم أبوبكر الصديق أسرع إليه فدفع الرجل ضربه ودفعه عن رسول الله أنقذ النبي ثم قال أبوبكر{ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ } فترك الناس المشركون رسول الله ثم إندفعوا إلى أبي بكر يضربونه حتى سقط أبو بكرعلى الارض صريعا والدم يسيل منه وظن الناس أن أبا بكر مات فَحُمِلَ أبو بكر الى بيته وفي الليل وجد أمه ولم تكن أسلمت قالت يابُنَيَ كل شيئا قال والله لا أذوق طعاما يأمي حتى أرى رسول الله فاحْتُمِل أبو بكر في آخر الليل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيته وفي دار الأرقم فلما دخل إنكب أبوبكر على رسول الله يُقبِّلُه ويبكي هكذا أوذِيَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالوا عنه ساحر قالوا عنه مجنون قالوا عنه كاهن والرب عز وجل يقول {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ } يُستهزأ عليه ويُسَبُّ ويُضرب ويُشتم كل شيء فعلوه مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومع هذا كان صابرا كان ثابتا يتحمل كل الصِّعَاب في يوم من الايام خرج من بيته إلى الكعبة فزداد السب والشتم والاذى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فازداد الهم وازداد الضيق في صدره فذهب إلى البيت دخل إلى بيته عليه الصلاة والسلام ثم تَدَثَّرَ بِرِدَائِهِ تغطى عليه الصلاة والسلام فأنزل الرب عز وجل له { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} أي المتغطي بردائه المتغطي بثوب المتغطي بِلِحَاف قُمْ ولا تنام ولا تسكن ولا تثتر { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ } لِمَ افعل هذا { وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ } إصبر يآ محمد فقط لله عز وجل إصبر وما صبرك إلا بالله ولاتحزن عليهم ولاتكن في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين إتقوا والذين هم محسنون إستمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدعوته لا يُبالي ولا يهتم بأذآهُم يسبونه ويشتمونه حتى أعينهم: وإن يَكَاُد الذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ :حتى العين ماسَلِمَ منها عليه الصلاة والسلام من أعينهم لكن الرب عز وجل كَافِيهِ وَحَافِظُهُ
لما بدأ الاسلام ينتشر في مكة ويقوى شيئا فشيئا قال سيد من سادتها وهو" أبو الوليد عُتبة إبن ربيعة" قال لقومه قد رأيتم ما صنع محمد فيكم فإن رأيتم أن أعرض عليه عرضا قالوا إذهب يآ أبا الوليد فجاء إلى نبينا صلى الله عليه وآله وسلم فقال له يآ إبن أخي قد رأيت ما صنعت في قومك فرقت بين جماعتهم سَبَبْتَ آلهتهم ودينهم وكفَّرت آباءهم وفعلت ما فعلت فإن رأيت أن أعرض عليك عرضا قال قل يآ أبا الوليد فتكلم عُتبة إبن ربيعة وقال يا محمد إن كان الذي جئت به تريد به مالا جمعنا لك من أموالنا فصرت أكثرنا مالا وإن كنت تريد شرفا سودناك علينا فلا نقطع أمرا دونك وإن كان الذي تريد ملكا ملكناك علينا وأخذ يعرض على رسولنا صلى الله عليه وسلم فلما إنتهى قال فرغت يآ أبا الوليد قال نعم قال أقول قال قل يآ إبن أخي فتكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقط بالقرءان لم يرد عليه بأي كلام بل بكتاب الله قال {بسم الله الرحمن الرحيم" حم~ تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحمنِ الرّحِيمِ كِتابٌ فُصّلَت ءَايَاتُهُ قُرءَاناً عَرَبِيّاً لِّقَومٍ يَعلَمُونَ بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعرَضَ أَكثَرُهُم فَهُم لَا يَسمَعُونَ } واسترسل النبي بالقراءة وعتبة يسمع فقط يتأثر بالكلام فهو عربي يفهم معنى الكلام حتى وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى ءاية { فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } هنا فزع أبو الوليد عتبة إبن ربيعة فقال يآ محمد أنْشُدُكَ اللهَ وَالرَّحِمْ أنْ تَقِفْ حَسْبُكَ حَسْبُكَ يَآ محمد قِفْ خاف أن يستكمل النبي الكلام وهو يعرف ما معنى صاعقة صاعقة عاد وثمود يعرفها عتبة قال أنشدك الله والرحم أن تسكت ثم خرج فرآه كفار قريش وقالوا لقد خرج إليكم عُتبة بغير الوجه الذي دخل به على محمد ثم ذهبوا إليه فقالوا له ما بالك يآ أبا الوليد قال والله ليس كلامه بكلام شعر ولا سحر ولا كِهانة يآ قوم إسمعوا مني ما أقول لكم خلوا بينه وبين العرب خلوا بينه وبين العرب فإن غلبته العرب وأصابته كَفَتْكُمْ العرب وإن غلب عليهم كان عِزُّهُ عِزُّكُمْ وَمُلْكُهُ مُلْكُكُمْ فذهب الناس وَوَلّواْ وهم يقولون سُحِرعُتبة سَحَرَهُ مُحَمَّد سَحَرَهُ مُحَمَّد
في ليلة من ليالي مكة إجتمع سادة قريش في ظهر الكعبة. عتبة إبن ربيعة.شيبة إبن ربيعة.النظر إبن الحارث.أبو جهل.أبو البُختري إبن هشام.أبوسفيان.العاص إبن وائل.وغيرهم من سادة قريش فقالوا لو أن كَلَّمْنَا محمدا لعله يقف عما يفعل وما يقول فنادوا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم فجلس بينهم في تلك الليلة في ظهر الكعبة فقال ما عندكم قالوا يآ محمد قد رأيت ما صنعت بنا وبقومنا فرقت جمعنا وسَبَبْتَ ءالهتنا وشتمت ديننا وآبآئنا لا نعلم أحدا من الناس فعل بقومه كما فعلت بنا فلو أنك أردت مالا أو مُلكا أو إمرأة أو ما تريد من الدنيا أعطيناك فرد عليهم عليه الصلاة والسلام وقال ماعلى هذا بُعثت إنما بعثني الله عز وجل برسالاته فأنا لكم ناصح أمين أدعوكم لِما ترون فإن قبلتم فهذا حظكم في الدنيا والآخرة وإلا فإنني سأصبر حتى يحكم الله بيننا قالوا فإن كان ما تريد وأسررت على دعوتك هذه فإنك ترى مكة قد أحيطت بالجبال فادعوا ربك أن يُزيل هذه الجبال وأن يجعل لنا أنهارا كأنهار الشام والعراق لعلنا نأخذ منها خيرا ومتاعاً في هذه الدنيا فرد عليهم عليه الصلاة والسلام قال لم أٌبعث لهذا إنما بُعثت برسالة ربي وأنا لكم ناصح أمين { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا أَ} ثم قالوا له يآ محمد نرآك تمشي بيننا في الاسواق وتعمل كما نعمل ليس لك فضل علينا لو كنت نبيا كما تزعم لِمَ لا يجعل الرب لك جناتٍ وخيراتٍ بدل عملك مثلنا { أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً} قال يآ قوم والله ما على هذا بُعثت إنما بُعثت برسالة ربي وأنا لكم ناصِح أمين فإن قبلتم وإلا فسأصبر حتى يحكم الله بيننا قالوا فإن آبيت يآ محمد فأنظر إلى السماء أنزل علينا عذابا من السماء كِسفا قِطعا من السماء فيها عذاب أو لِنَرَى ربنا كما تزعم أو الملائكة {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً } قال أما هذه فليست لي هذه إلى الله عز وجل إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل أنظروا إلى صبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم على قومه على سادة قريش وهم يُعَجِّزُونَهُ وهو يتحملهم عليه الصلاة والسلام ثم إسترسلوا بطلباتهم قالوا له يآ محمد نريد أن يكون لك بيت من ذهب أو ما رأيك أن تصعد إلى السماء حتى لو صعدت إلى السماء وفُتح لك طريق لن نؤمن حتى ترجع من السماء بكتاب نقرأه { أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء } ينفتح لك طريق ونرآك تصعد إلى السماء { وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَأُهُ } رد عليهم الصلاة والسلام وهم جلوس قال لهم سبحان الله إنما أنا بشر {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً} ثم تركهم وانصرف عنهم عليه الصلاة والسلام بعد أن بَلَّغَهُمْ حُجَّةَ رَبِّهِ جل وعلا
كلما تحدى المشركون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جآءهم بما يُريدون بل هزمهم عليه الصلاة والسلام بِحُجَّتِه ومنطقه أوذي وعُذِّب لكنه كان يستعين بقيام الليل في الصبر عليهم والله عز وجل أنزل عليه {فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً } أي أنهم يستبعدون أن تقوم الساعة ويُسألون ويُبعثون لكن الساعة قريب فاصبر يآ محمد لما رأى المشركون أنهم لن يستطيعوا على محمد صلى الله عليه وسلم فكلما طلبوا منه طلبا أفْحَمَهُمْ بِحُجَّتِهِ نزل القرءان يرد عليهم قالوا ليست لنا حيلة إلا أن نذهب إلى أحبار اليهود في المدينة وأي شأن لاحبار اليهود هناك قالوا نسألهم نستعين بهم على محمد وأصحابه الله أكبر منذ متى يا كفار قريش تستعينون بأحبار يهود وأي علاقة بينكم وبينهم حتى تستعينوا بهم على محمد الذي كنتم تُسَمُّونَهُ الصادق الأمين وهو سيد من سادتكم فأرسل كفار قريش"" النظرة إبن الحارث وعقبة إبن أبي مُعَيْضْ ""إلى أحبار اليهود خرجوا من مكة توجهوا إلى المدينة ليسألوا أحبار اليهود ماذا نصنع بهذا الرجل وما حقيقته فلما ذهبوا إلى أحبار اليهود وجلسوا معهم قالوا ماذا تريدون قالوا نسألكم عن رجل بيننا يزعم أنه نبي إسمه محمد إبن عبد الله واليهود يعلمون أن هذا هو زمان النبي بل عندهم أوصافه في توراتهم وفي كتبهم يعرفونه أكثر مما يعرفون أبنائهم لكنهم حسدا وغيضا ألم يخرج محمد بينهم قالوا للنظر إبن الحارث وعقبة إبن أبي معيض سالوا هذا الرجل ثلاثة أسئلة فإن أجابكم فهو نبي أرادوا تعجيزه وإن لم يجبكم فهو يَتَقَوَّلْ إفعلوا به ما تشاؤون قالوا وما هذه الثلاثة الاسئلة قالوا السؤال الاول إسألوه عن" فِتْيَةٍ فِي الدَّهْرِ غَابُواْ أمْرُهُمْ عَجَبْ " فقط هذا السؤال فِتْيَةٌ غابوا في الدهر وأمرهم عجب أي فتنة وأي فتية هؤلاء السؤال الثاني قالوا سالوه عن رجل " طَوَّاف " في مشارق الارض ومغاربها من هذا الرجل الطواف والسؤال الثالث قالوا سالوه عن " الروح " ماهي ما هذه الروح إن أجابكم على هذه الاسئلة الثلاث فهو نبي وإلا هو رجل يَتَقَوَّلُ عليكم فافعلوا به ماشئتم أخذ الاسئلة النظر وعقبة وعادا إلى مكة بها
جاء الكفار يسألون النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الاسئلة الثلاث عن الفتية الذين غابوا في الدهر وأمرهم العجب وعن الرجل الطواف في الارض في مشارق الارض ومغاربها وعن الروح فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم سأجيبكم غدا فذهب ولم ينزل الوحي جاؤوه في الغد قالوا أين الاجابات قال أجيبكم غدا فلم ينزل الوحي خمس عشرة يوما وهو يقول لهم أجيبكم غدا ولم يأتي وحي يجيبه على هذه الاسئلة حتى بدأ الكفار يشككون الناس أنظروا كيف أعجزنا محمدا عن الاجابة والرب عز وجل أراد أن يعلم نبيه أنه إذا قال غدا أن يقول إن شاء الله لكنه نسي فجاءه جبريل عليه السلام بعد خمس عشرة يوما وقال له أين إجابات هذه الاسئلة لِمَا تأخرت قال جبريل ::وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بينا أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسياَ:: ثم قال له ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله أي قل إن شاء الله يأتيك الجواب من عند الله جل وعلا أما الاسئلة الثلاث فأنزل الله إجابتها أما الفتية الذين غابوا { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} ونزلت سورة الكهف تجيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الفتية الذين غابوا في الدهر أما عن الرجل الطواف قال الله جل وعلا { وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا } ثم قص عليهم قصة ذي القرنين قالوا له وأما الروح فأجابهم { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } بهذه الاجابات الثلاث أُلجِمَ الكفار هذه الاجابات بدأ القرءان كلما سأل الناس سؤالا أو أثاروا شبهة القرءان يجيبهم بل إن أبا جهل لما سمع قول الله عز وجل ""عليها تسعة عشر"" أي على النار تسعة عشر من الملائكة الزبانية أخذ يستهزء ويسخر قال عشرة عليكم والباقي علي أنا فأنزل الرب عز وجل { وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً } الامر ليس كما يتصور إنهم زبانية إنهم ملائكة جهنم {وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُواْ} كلما أثاروا شُبهة نزل القرءان يُجِيبُهُمْ بل إن رجل إسمه "النظر إبن الحارث "كانت عنده مغنية قانية كلما رأى إنسان يدعوه النبي للاسلام أرسل مغنيته إليه تطربه وتلهيه عن القرءان { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ } بل أكثر من هذا كانوا إذا سمعوا النبي يقرأ القرءان
أخذوا يصرخون ويتكلمون حتى يُشوشوا على الناس سِماع القرءان يعرفون أثار القرءان في الناس { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } ما تركوا شيئا إلا وأثاروا شُبهة وما سألوا سؤالا أو أثاروا شبهة إلا وينزل القرءان يُفحِمَهُم حتى رأوا النبي يمشي في الاسواق ويأكل الطعام قالوا كيف يكون نبيا ويمشي في السوق كيف يكون نبيا ويأكل الطعام { وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ } الله أكبر حتى الاكل لا تريدون منه أن يأكل حتى المشي في الاسواق أنكرتموه عليه لكن القرءان كان للمشركين بالمرصاد{ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً
السيرة النبوية الشريفة
تآمر المشركين على النبي صلى الله عليه وآله وسلم
موقف عُتبة إبن ربيعة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم
قريش بدأت تخاف من دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فدعوته الجَهرية بدأت تنتشر وبدأت تُأتي ثِمارها المُصِيبة الكبرى بالنسبة لقريش أن الناس سَيُقبِلُونَ للحج بعد أيام فإذا قدِمُوا إلى الحج سَمِعوا من النبي دعوته وربما تأثروا به ماذا يصنعون وماذا يفعلون نادَواْ رجلا عندهم إسمه ""الْوَلِيدْ إبْنُ الْمُغِيرَةَ"" قالوا ياوليد سمعت ما فعل محمد بِنا ورأيت ماذا فعل بالأخ وأخيه والإبن وأبيه قل فيه قولا تسمعه عنك العرب وتنقله عنك قال قولوا وأسمع منكم أخبروني رأيكم أولاً قالوا ما رأيك نقول بأن ما يفعله كهانة بأنه كاهن قال أعرف الكهانة والكُهَان أعرف زمزمة الكاهن وَسَجَعَهُ والله إنه ليس بكاهن قولوا قولا غيره قالوا نقول مجنون قال والله ليس بجنون أعرف الجنون وخنقه ووسوسته ليس ما يفعله جنونا قالوا نقول شعرا قال أعرف الشعر هَزْجَهُ وَرَزْجَهُ ومقبوظه ومبسوطه والله مايقوله ليس بالشعر قالوا نقول ساحر قال أعرف السُّحَارَة والسحر نفسهم وعقدهم والله إن ما يفعله ليس بالسحر قالوا ما تقول أنت ياوليد ماتقول أنت بقول محمد قال والله سمعت كلامه قالوا هيه وماذا تقول قال والله إن فيه لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أسفله لمُغذِقْ وإن أعلاه لمُثمِر وإنه يعلوا ولا يُعلا عليه وإنه لَيَحْطِمُ مَاتَحْتَهُ قالوا ياوليد ماذا تقول وكان رجلا مُشركا لكنه لما سمع القرءان عجب منه لأنه عربي فَصِيحٌ يعرف لغة العرب ويعرف كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال فيه هذا القول قالوا ياوليد قل فيه قولا غيره يعني أي شيء خلاص ولو كان كذبا ولو لم يكن حقيقة أخذ يفكر ويُقَدِّرْ وينظر وَيَبْصُرْ ويَعْبَثْ ثم إلتفت قالوا ياوليد قل فيه قولا ثم رجع إليهم فقال قال قولوا سحر يعني إكذبوا وقولوا سحر وهو يعلم أنه ليس بالسحر قال قولوا للناس أنه سحر فرَّقَ بين الابن وأبيه والاخ وأخيه والرجل وزوجته والمرء وعشيرته فأنزل الرب عز وجل فيه {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا } يعني الوليد إبن المغيرة { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ
لِآيَاتِنَا عَنِيدًا } والرب عز وجل الآن يصف الوليد إبن المُغِيرة وهو يتكلم ويفكر بما يتهم نبينا صلى الله عليه وآله وسلم {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ. ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ} قال الرب عز وحل في الوليد{ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُلَا تُبْقِي وَلَاتَذَرُ } فإذا بكفار قريش يُصدقون الامر ويأخذون هذه التهمة وينشرونها بين الناس والوفود قدمت إلى الحج والنبي يقدم إلى خيامهم أبو بكر معه يفتح خيمة خيمة يقول أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تُفلحوا من يُأويني أبَلِّغ دعوة ربي فإن قريشا منعتني أبَلِّغُ دعوة ربي وخلفه أبولهب يقول ما عليكم منه إنه إبن أخي إنه مجنون فنشرت قريش في الناس أن هذا الرجل ساحر يفرق بين الاب وإبنه والأخ وأخيه تُهمة إتهموا بها نبينا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم لكن أنَّ لهم أن يغلبوا بٍتُهْمَتِهِمْ هَذِه
بينما كان المشركون جُولوساً عند الكعبة يتكلمون في النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال قائلهم ما رأينا مثل صبرنا على محمد سَبَّ دِينَنَا وشتم آلهتنا وسفه أحلامنا وصبرنا عليه بين هم يتكلمون عليه إذ طلع عليهم عليه الصلاة والسلام واتجه إلى الركن فاستلمه عند الكعبة ركن الكعبة الحجر ثم بدأ بالطواف لا يُبَالِي بأصنامهم ولا يُبالي بهم بأبيه وأمي عليه الصلاة والسلام كان يعتز بدينه وبإسلامه ولا يُبالي بالناس فلما طاف الشوط الاول ومر عليهم غمزوه سبوه وتكلموا عليه ولم يرد عليهم تغير وجهه عليه الصلاة والسلام فلما جاء الشوط الثاني الطواف الثاني فإذا بهم يغمزونه ويتكلمون عليه ولم يرد عليهم فلما جاء الشوط الثالث غمزوه وسبوه فتوجه نحوهم وهم يسبونه ويشتمونه فلما إقترب منهم سكتوا قال تسمعون معشر قريش تسمعون والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح لقد جئتكم بالذبح سيأتي يوم بينا وبينكم قتال في سبيل الله جهاد في سبيل الله يقول الراوي رأيت أشدهم عليه وصاة يعني سبا وشتما كأن على رؤوسهم الطير سكنوا وجمودا خوفا وفزعا حتى قال قائلهم إنصرف أبا القاسم راشدا فاولله ماكنت جهولا فاولله ماكنت جهولا في اليوم الثاني تداعواْ مرة أخرى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فإذا بهم يتكلمون ويحرض بعضهم بعضا على رسول الله فرأوا النبي عند الكعبة يمشي فقام أشقى القوم ومسك بِمَجْمَعِ رِدَائِهِ فلفه على رقبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم خنقه خنق من أشرف الخلق خنق من خليل الله خنق من الرحمة التي أرسلها الله للعالمين خنقه حتى كاد أن يموت عليه الصلاة والسلام من رَأهُم أبوبكر الصديق أسرع إليه فدفع الرجل ضربه ودفعه عن رسول الله أنقذ النبي ثم قال أبوبكر{ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ } فترك الناس المشركون رسول الله ثم إندفعوا إلى أبي بكر يضربونه حتى سقط أبو بكرعلى الارض صريعا والدم يسيل منه وظن الناس أن أبا بكر مات فَحُمِلَ أبو بكر الى بيته وفي الليل وجد أمه ولم تكن أسلمت قالت يابُنَيَ كل شيئا قال والله لا أذوق طعاما يأمي حتى أرى رسول الله فاحْتُمِل أبو بكر في آخر الليل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيته وفي دار الأرقم فلما دخل إنكب أبوبكر على رسول الله يُقبِّلُه ويبكي هكذا أوذِيَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالوا عنه ساحر قالوا عنه مجنون قالوا عنه كاهن والرب عز وجل يقول {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ } يُستهزأ عليه ويُسَبُّ ويُضرب ويُشتم كل شيء فعلوه مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومع هذا كان صابرا كان ثابتا يتحمل كل الصِّعَاب في يوم من الايام خرج من بيته إلى الكعبة فزداد السب والشتم والاذى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فازداد الهم وازداد الضيق في صدره فذهب إلى البيت دخل إلى بيته عليه الصلاة والسلام ثم تَدَثَّرَ بِرِدَائِهِ تغطى عليه الصلاة والسلام فأنزل الرب عز وجل له { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} أي المتغطي بردائه المتغطي بثوب المتغطي بِلِحَاف قُمْ ولا تنام ولا تسكن ولا تثتر { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ } لِمَ افعل هذا { وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ } إصبر يآ محمد فقط لله عز وجل إصبر وما صبرك إلا بالله ولاتحزن عليهم ولاتكن في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين إتقوا والذين هم محسنون إستمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدعوته لا يُبالي ولا يهتم بأذآهُم يسبونه ويشتمونه حتى أعينهم: وإن يَكَاُد الذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ :حتى العين ماسَلِمَ منها عليه الصلاة والسلام من أعينهم لكن الرب عز وجل كَافِيهِ وَحَافِظُهُ
لما بدأ الاسلام ينتشر في مكة ويقوى شيئا فشيئا قال سيد من سادتها وهو" أبو الوليد عُتبة إبن ربيعة" قال لقومه قد رأيتم ما صنع محمد فيكم فإن رأيتم أن أعرض عليه عرضا قالوا إذهب يآ أبا الوليد فجاء إلى نبينا صلى الله عليه وآله وسلم فقال له يآ إبن أخي قد رأيت ما صنعت في قومك فرقت بين جماعتهم سَبَبْتَ آلهتهم ودينهم وكفَّرت آباءهم وفعلت ما فعلت فإن رأيت أن أعرض عليك عرضا قال قل يآ أبا الوليد فتكلم عُتبة إبن ربيعة وقال يا محمد إن كان الذي جئت به تريد به مالا جمعنا لك من أموالنا فصرت أكثرنا مالا وإن كنت تريد شرفا سودناك علينا فلا نقطع أمرا دونك وإن كان الذي تريد ملكا ملكناك علينا وأخذ يعرض على رسولنا صلى الله عليه وسلم فلما إنتهى قال فرغت يآ أبا الوليد قال نعم قال أقول قال قل يآ إبن أخي فتكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقط بالقرءان لم يرد عليه بأي كلام بل بكتاب الله قال {بسم الله الرحمن الرحيم" حم~ تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحمنِ الرّحِيمِ كِتابٌ فُصّلَت ءَايَاتُهُ قُرءَاناً عَرَبِيّاً لِّقَومٍ يَعلَمُونَ بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعرَضَ أَكثَرُهُم فَهُم لَا يَسمَعُونَ } واسترسل النبي بالقراءة وعتبة يسمع فقط يتأثر بالكلام فهو عربي يفهم معنى الكلام حتى وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى ءاية { فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } هنا فزع أبو الوليد عتبة إبن ربيعة فقال يآ محمد أنْشُدُكَ اللهَ وَالرَّحِمْ أنْ تَقِفْ حَسْبُكَ حَسْبُكَ يَآ محمد قِفْ خاف أن يستكمل النبي الكلام وهو يعرف ما معنى صاعقة صاعقة عاد وثمود يعرفها عتبة قال أنشدك الله والرحم أن تسكت ثم خرج فرآه كفار قريش وقالوا لقد خرج إليكم عُتبة بغير الوجه الذي دخل به على محمد ثم ذهبوا إليه فقالوا له ما بالك يآ أبا الوليد قال والله ليس كلامه بكلام شعر ولا سحر ولا كِهانة يآ قوم إسمعوا مني ما أقول لكم خلوا بينه وبين العرب خلوا بينه وبين العرب فإن غلبته العرب وأصابته كَفَتْكُمْ العرب وإن غلب عليهم كان عِزُّهُ عِزُّكُمْ وَمُلْكُهُ مُلْكُكُمْ فذهب الناس وَوَلّواْ وهم يقولون سُحِرعُتبة سَحَرَهُ مُحَمَّد سَحَرَهُ مُحَمَّد
في ليلة من ليالي مكة إجتمع سادة قريش في ظهر الكعبة. عتبة إبن ربيعة.شيبة إبن ربيعة.النظر إبن الحارث.أبو جهل.أبو البُختري إبن هشام.أبوسفيان.العاص إبن وائل.وغيرهم من سادة قريش فقالوا لو أن كَلَّمْنَا محمدا لعله يقف عما يفعل وما يقول فنادوا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم فجلس بينهم في تلك الليلة في ظهر الكعبة فقال ما عندكم قالوا يآ محمد قد رأيت ما صنعت بنا وبقومنا فرقت جمعنا وسَبَبْتَ ءالهتنا وشتمت ديننا وآبآئنا لا نعلم أحدا من الناس فعل بقومه كما فعلت بنا فلو أنك أردت مالا أو مُلكا أو إمرأة أو ما تريد من الدنيا أعطيناك فرد عليهم عليه الصلاة والسلام وقال ماعلى هذا بُعثت إنما بعثني الله عز وجل برسالاته فأنا لكم ناصح أمين أدعوكم لِما ترون فإن قبلتم فهذا حظكم في الدنيا والآخرة وإلا فإنني سأصبر حتى يحكم الله بيننا قالوا فإن كان ما تريد وأسررت على دعوتك هذه فإنك ترى مكة قد أحيطت بالجبال فادعوا ربك أن يُزيل هذه الجبال وأن يجعل لنا أنهارا كأنهار الشام والعراق لعلنا نأخذ منها خيرا ومتاعاً في هذه الدنيا فرد عليهم عليه الصلاة والسلام قال لم أٌبعث لهذا إنما بُعثت برسالة ربي وأنا لكم ناصح أمين { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا أَ} ثم قالوا له يآ محمد نرآك تمشي بيننا في الاسواق وتعمل كما نعمل ليس لك فضل علينا لو كنت نبيا كما تزعم لِمَ لا يجعل الرب لك جناتٍ وخيراتٍ بدل عملك مثلنا { أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً} قال يآ قوم والله ما على هذا بُعثت إنما بُعثت برسالة ربي وأنا لكم ناصِح أمين فإن قبلتم وإلا فسأصبر حتى يحكم الله بيننا قالوا فإن آبيت يآ محمد فأنظر إلى السماء أنزل علينا عذابا من السماء كِسفا قِطعا من السماء فيها عذاب أو لِنَرَى ربنا كما تزعم أو الملائكة {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً } قال أما هذه فليست لي هذه إلى الله عز وجل إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل أنظروا إلى صبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم على قومه على سادة قريش وهم يُعَجِّزُونَهُ وهو يتحملهم عليه الصلاة والسلام ثم إسترسلوا بطلباتهم قالوا له يآ محمد نريد أن يكون لك بيت من ذهب أو ما رأيك أن تصعد إلى السماء حتى لو صعدت إلى السماء وفُتح لك طريق لن نؤمن حتى ترجع من السماء بكتاب نقرأه { أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء } ينفتح لك طريق ونرآك تصعد إلى السماء { وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَأُهُ } رد عليهم الصلاة والسلام وهم جلوس قال لهم سبحان الله إنما أنا بشر {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً} ثم تركهم وانصرف عنهم عليه الصلاة والسلام بعد أن بَلَّغَهُمْ حُجَّةَ رَبِّهِ جل وعلا
كلما تحدى المشركون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جآءهم بما يُريدون بل هزمهم عليه الصلاة والسلام بِحُجَّتِه ومنطقه أوذي وعُذِّب لكنه كان يستعين بقيام الليل في الصبر عليهم والله عز وجل أنزل عليه {فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً } أي أنهم يستبعدون أن تقوم الساعة ويُسألون ويُبعثون لكن الساعة قريب فاصبر يآ محمد لما رأى المشركون أنهم لن يستطيعوا على محمد صلى الله عليه وسلم فكلما طلبوا منه طلبا أفْحَمَهُمْ بِحُجَّتِهِ نزل القرءان يرد عليهم قالوا ليست لنا حيلة إلا أن نذهب إلى أحبار اليهود في المدينة وأي شأن لاحبار اليهود هناك قالوا نسألهم نستعين بهم على محمد وأصحابه الله أكبر منذ متى يا كفار قريش تستعينون بأحبار يهود وأي علاقة بينكم وبينهم حتى تستعينوا بهم على محمد الذي كنتم تُسَمُّونَهُ الصادق الأمين وهو سيد من سادتكم فأرسل كفار قريش"" النظرة إبن الحارث وعقبة إبن أبي مُعَيْضْ ""إلى أحبار اليهود خرجوا من مكة توجهوا إلى المدينة ليسألوا أحبار اليهود ماذا نصنع بهذا الرجل وما حقيقته فلما ذهبوا إلى أحبار اليهود وجلسوا معهم قالوا ماذا تريدون قالوا نسألكم عن رجل بيننا يزعم أنه نبي إسمه محمد إبن عبد الله واليهود يعلمون أن هذا هو زمان النبي بل عندهم أوصافه في توراتهم وفي كتبهم يعرفونه أكثر مما يعرفون أبنائهم لكنهم حسدا وغيضا ألم يخرج محمد بينهم قالوا للنظر إبن الحارث وعقبة إبن أبي معيض سالوا هذا الرجل ثلاثة أسئلة فإن أجابكم فهو نبي أرادوا تعجيزه وإن لم يجبكم فهو يَتَقَوَّلْ إفعلوا به ما تشاؤون قالوا وما هذه الثلاثة الاسئلة قالوا السؤال الاول إسألوه عن" فِتْيَةٍ فِي الدَّهْرِ غَابُواْ أمْرُهُمْ عَجَبْ " فقط هذا السؤال فِتْيَةٌ غابوا في الدهر وأمرهم عجب أي فتنة وأي فتية هؤلاء السؤال الثاني قالوا سالوه عن رجل " طَوَّاف " في مشارق الارض ومغاربها من هذا الرجل الطواف والسؤال الثالث قالوا سالوه عن " الروح " ماهي ما هذه الروح إن أجابكم على هذه الاسئلة الثلاث فهو نبي وإلا هو رجل يَتَقَوَّلُ عليكم فافعلوا به ماشئتم أخذ الاسئلة النظر وعقبة وعادا إلى مكة بها
جاء الكفار يسألون النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الاسئلة الثلاث عن الفتية الذين غابوا في الدهر وأمرهم العجب وعن الرجل الطواف في الارض في مشارق الارض ومغاربها وعن الروح فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم سأجيبكم غدا فذهب ولم ينزل الوحي جاؤوه في الغد قالوا أين الاجابات قال أجيبكم غدا فلم ينزل الوحي خمس عشرة يوما وهو يقول لهم أجيبكم غدا ولم يأتي وحي يجيبه على هذه الاسئلة حتى بدأ الكفار يشككون الناس أنظروا كيف أعجزنا محمدا عن الاجابة والرب عز وجل أراد أن يعلم نبيه أنه إذا قال غدا أن يقول إن شاء الله لكنه نسي فجاءه جبريل عليه السلام بعد خمس عشرة يوما وقال له أين إجابات هذه الاسئلة لِمَا تأخرت قال جبريل ::وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بينا أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسياَ:: ثم قال له ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله أي قل إن شاء الله يأتيك الجواب من عند الله جل وعلا أما الاسئلة الثلاث فأنزل الله إجابتها أما الفتية الذين غابوا { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} ونزلت سورة الكهف تجيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الفتية الذين غابوا في الدهر أما عن الرجل الطواف قال الله جل وعلا { وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا } ثم قص عليهم قصة ذي القرنين قالوا له وأما الروح فأجابهم { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } بهذه الاجابات الثلاث أُلجِمَ الكفار هذه الاجابات بدأ القرءان كلما سأل الناس سؤالا أو أثاروا شبهة القرءان يجيبهم بل إن أبا جهل لما سمع قول الله عز وجل ""عليها تسعة عشر"" أي على النار تسعة عشر من الملائكة الزبانية أخذ يستهزء ويسخر قال عشرة عليكم والباقي علي أنا فأنزل الرب عز وجل { وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً } الامر ليس كما يتصور إنهم زبانية إنهم ملائكة جهنم {وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُواْ} كلما أثاروا شُبهة نزل القرءان يُجِيبُهُمْ بل إن رجل إسمه "النظر إبن الحارث "كانت عنده مغنية قانية كلما رأى إنسان يدعوه النبي للاسلام أرسل مغنيته إليه تطربه وتلهيه عن القرءان { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ } بل أكثر من هذا كانوا إذا سمعوا النبي يقرأ القرءان
أخذوا يصرخون ويتكلمون حتى يُشوشوا على الناس سِماع القرءان يعرفون أثار القرءان في الناس { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } ما تركوا شيئا إلا وأثاروا شُبهة وما سألوا سؤالا أو أثاروا شبهة إلا وينزل القرءان يُفحِمَهُم حتى رأوا النبي يمشي في الاسواق ويأكل الطعام قالوا كيف يكون نبيا ويمشي في السوق كيف يكون نبيا ويأكل الطعام { وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ } الله أكبر حتى الاكل لا تريدون منه أن يأكل حتى المشي في الاسواق أنكرتموه عليه لكن القرءان كان للمشركين بالمرصاد{ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً